للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَفَلُوا وَفُصُولُ الْأَوَّلِ أَوَّلُ الْأُصُولِ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا احْتِرَازًا مِنْ فُصُولِ ثَانِي الْأُصُولِ وَثَالِثِهَا وَإِنْ عَلَا ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَهُنَّ مُبَاحَاتٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} [الأحزاب: ٥٠] وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ يَنْدَرِجُ فِيهِ أَوْلَادُ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَهُمْ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَقَوْلُنَا أَوَّلُ فَصْلٍ احْتِرَازًا مِنْ ثَانِي فَصْلٍ مِنْ أَوَّلِ الْأُصُولِ فَإِنَّ ثَانِي فَصْلٍ فَصْلُ أَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَأَوْلَادِ الْخَالِ وَالْخَالَاتِ فَإِنَّهُنَّ مُبَاحَاتٌ فَلِذَلِكَ أُطْلِقَ فِي الضَّابِطِ فِي الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْفُصُولِ مُطْلَقًا لِيَنْدَرِجُوا هُمْ وَأَوْلَادُهُمْ وَقِيلَ فِي غَيْرِ أَوَّلِ فُصُولِ أَوَّلِ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ لِهَذَا الْمَعْنَى فَانْضَبَطَ الْمُحَرَّمُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِهَذَا الضَّابِطِ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: ٢٣] وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وَاللَّفْظُ صَالِحٌ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ - يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: ٢٦ - ٤٠] {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: ٧٨] .

ثُمَّ قَالَ {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] احْتِرَازًا مِنْ زَوْجَاتِ أَبْنَاءِ التِّبْنَيْ دُونَ الرَّضَاعِ ثُمَّ قَالَ {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٢] يُرِيدُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ «وَحَرَّمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ»

(تَنْبِيهٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ كُلُّ أُمٍّ حَرُمَتْ بِالنَّسَبِ حَرُمَتْ أُخْتُهَا وَكُلُّ أُخْتٍ حَرُمَتْ لَا تَحْرُمُ أُخْتُهَا إذَا لَمْ تَكُنْ خَالَةً فَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ فَالْوَلَدُ مِنْهُمَا تَحِلُّ لَهُ ابْنَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَكُلُّ عَمَّةٍ حَرُمَتْ قَدْ لَا تَحْرُمُ أُخْتُهَا لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ أُخْتَ أَبِيهِ وَلَا أُخْتَ جَدِّهِ

(فَائِدَةٌ) قَوْلُ الْعُلَمَاءِ الْآبَاءُ وَإِنْ عَلَوْا وَالْأَبْنَاءُ وَإِنْ سَفَلُوا مَعَ أَنَّهُ لَوْ عُكِسَ لَاسْتَقَامَ فَإِنَّ الْأَبْنَاءَ فُرُوعٌ وَالْفَرْعُ شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ أَعْلَى مِنْ أَصْلِهِ وَفَرْعُ الْفَرْعِ أَعْلَى مِنْ الْفَرْعِ فِي الشَّجَرَةِ وَالْأَصْلُ أَسْفَلُ وَأَصْلُ الْأَصْلِ أَسْفَلُ مِنْ الْأَصْلِ وَهَذَا يُنَاسِبُ عَكْسَ مَا قَالُوهُ فَمَا مُسْتَنَدُ قَوْلِهِمْ

(وَالْجَوَابُ) أَنَّ قَوْلَهُمْ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

فِي قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] لَمْ يَتَعَلَّقْ بِأَعْيَانِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ لِأَنَّ لَحْمَ الْحَيَوَانِ مُحَرَّمٌ فِي حَالِ الْحَيَاةِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الذَّكَاةِ فِيهَا وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا قُطِعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ» وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَمَعْنَى الْآيَةِ حُرِّمَ عَلَيْكُمْ لَحْمُ الْمَيْتَةِ الَّتِي تَمُوتُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهَا فَتُسَمَّى مَيْتَةً فِي أَكْثَرِ كَلَامِ الْعَرَبِ أَوْ بِالْحَقِيقَةِ وَكَذَلِكَ لَحْمُ الْمَيْتَةِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ قَالُوا فَلَمَّا عُلِمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ تَعْلِيقُ التَّحْرِيمِ بِأَعْيَانِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَوْله تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] اسْتِثْنَاءً مُنْفَصِلًا لَكِنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوَاجِبَ كَيْفَ مَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ أَنْ تَكُونَ الذَّكَاةُ تَعْمَلُ فِيهَا وَذَلِكَ أَنَّهُ إنْ عَلَّقْنَا التَّحْرِيمَ بِهَذِهِ الْأَصْنَافِ فِي الْآيَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَجَبَ أَنْ تَدْخُلَ الْأَصْنَافُ الْخَمْسَةُ فِي التَّذْكِيَةِ حَالَ الْحَيَاةِ لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ حَيَّةً مُسَاوِيَةٌ لِغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ دُخُولِهَا حِينَئِذٍ بَيْنَ كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْفَصِلًا أَوْ مُتَّصِلًا إذْ لَا خَفَاءَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ إنْ قُلْنَا إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُتَّصِلٌ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ عُمُومَ التَّحْرِيمِ يُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ تَنَاوُلُ أَعْيَانِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَهُ كَالْحَالِ فِي الْخِنْزِيرِ الَّذِي لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى هَذَا رَفْعًا لِتَحْرِيمِ أَعْيَانِهَا بِالتَّنْصِيصِ عَلَى عَمَلِ الذَّكَاةِ فِيهَا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ مَا اعْتَرَضَ بِهِ ذَلِكَ الْمُعْتَرِضُ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى كَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْفَصِلًا.

وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ وَالْمَشْكُوكِ فِيهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْفَصِلٌ وَأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ تَأْثِيرُ الذَّكَاةِ فِي الْمَرْجُوَّةِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَاسَ الْمَشْكُوكَةَ عَلَى الْمَرْجُوَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ وَلَكِنَّ اسْتِثْنَاءَ هَذَا الصِّنْفِ أَعْنِي الْمَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ بِالْقِيَاسِ وَذَلِكَ أَنَّ الذَّكَاةَ إنَّمَا يَجِبُ أَنْ تَعْمَلَ فِي حِينَ يَقْطَعُ أَنَّهَا سَبَبُ الْمَوْتِ فَأَمَّا إذَا شَكَّ هَلْ كَانَ مُوجِبُ الْمَوْتِ الزَّكَاةَ أَوْ الْوَقْذَ أَوْ النَّطْحَ أَوْ سَائِرَهَا فَلَا يَجِبُ أَنْ تَعْمَلَ فِي ذَلِكَ وَهَذِهِ هِيَ حَالَةِ الْمَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْمَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ فِي حُكْمِ الْمَيْتَةِ وَالذَّكَاةُ مِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَرْفَعَ الْحَيَاةَ الثَّابِتَةَ لَا الْحَيَاةَ الذَّاهِبَةَ اهـ بِتَلْخِيصٍ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ أَيْضًا وَأَمَّا هَلْ تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِي الْحَيَوَانَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ الْأَكْلِ حَتَّى تَطْهُرَ بِالذَّكَاةِ جُلُودُهَا فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ الذَّكَاةُ تَعْمَلُ فِي السِّبَاعِ وَغَيْرِهَا مَا عَدَا الْخِنْزِيرَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَّا أَنَّهُ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي كَوْنِ السِّبَاعِ فِيهِ مُحَرَّمَةً أَوْ مَكْرُوهَةً وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الذَّكَاةُ تَعْمَلُ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ فَيَجُوزُ بَيْعُ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَالِانْتِفَاعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>