للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوَّلًا أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ لَفْظَ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالِابْنِ يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْأَدْنَيْنَ مِنْ هَذِهِ الْفِرَقِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ وَلَمْ تَسْحَقْهُ الْجَدَّةُ وَحَجَبَ الْإِخْوَةَ بِالْأَبِ وَلَمْ يَحْجُبْهُمْ بِالْجَدِّ وَأَنَّ بِنْتَ الِابْنِ لَهَا السُّدُسُ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ بِخِلَافِ بِنْتِ الصُّلْبِ مَعَ أُخْتِهَا فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ تَتَنَاوَلُ هَذِهِ الطَّبَقَاتِ عَلَى اخْتِلَافِهَا بِطَرِيقِ التَّوَاطُؤِ حَقِيقَةً لَزِمَ تَعْمِيمُ الْحُكْمِ فِيهَا كُلِّهَا عَلَى السَّوَاءِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالدَّلِيلِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الطَّوَائِفَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَجَازِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَيْهِ بَلْ يَجِبُ التَّمَسُّكُ بِالْحَقِيقَةِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِهَا ثُمَّ اللَّازِمُ هُنَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَهُوَ مَجَازٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ هَلْ يَجُوزُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَمْ لَا وَنَحْنُ الْمَجَازُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لَا نَعْدِلُ بِاللَّفْظِ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ خَطَأٌ قَطْعًا فَهَهُنَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِكَوْنِهِ ضَعِيفًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مَجَازٌ وَأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ لُغَةً وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ.

وَهُوَ فَرْقٌ جَلِيٌّ جِدًّا وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَمَرَ بِمَا هُوَ حَقٌّ لِذَوِي الْقُرْبَى وَالنِّزَاعُ فِي النَّفَقَةِ هَلْ هِيَ حَقٌّ لَهُمْ أَمْ لَا فَلَا نُسَلِّمُ تَنَاوُلَ اللَّفْظِ لَهَا حِينَئِذٍ فَلَا دَلِيلَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوَّلًا أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ لَفْظَ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالِابْنِ يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْأَدْنَيْنَ إلَى قَوْلِهِ بَلْ يَجِبُ التَّمَسُّكُ بِالْحَقِيقَةِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِهَا) قُلْت لَا دَلِيلَ لَهُ فِيمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مُرَادِهِ مِنْ أَنَّ لَفْظَ الْأَبِ وَمَا مَعَهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْأَدْنَيْنَ إلَّا مَجَازًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ بِعَكْسِ دَعْوَاهُ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ يَتَنَاوَلُ الْأَدْنَيْنَ وَغَيْرَهُمْ لَكِنْ وَقَعَ التَّجَوُّزُ بِقَصْرِهَا عَلَى الْأَدْنَيْنَ فَيَحْتَاجُ إذْ ذَاكَ إلَى قَرِينَةٍ تَخُصُّهَا بِالْأَدْنَيْنَ أَوْ إلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَجَازَ انْتَهَى إلَى أَنْ صَارَ عُرْفًا.

قَالَ (ثُمَّ اللَّازِمُ هُنَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَهُوَ مَجَازٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ هَلْ يَجُوزُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَمْ لَا إلَى قَوْلِهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ وَهُوَ فَرْقٌ جَلِيٌّ جِدًّا) قُلْت مَا قَالَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى دَعْوَى أَنَّ تَنَاوُلَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ لِغَيْرِ الْأَدْنَيْنَ مَجَازٌ وَقَدْ تَبَيَّنَ احْتِمَالُ عَكْسِ ذَلِكَ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ مُسَلَّمٌ لَكِنْ لَوْ سُلِّمَ لَهُ أَنْ تَنَاوُلَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ لِغَيْرِ الْأَدْنَيْنَ مَجَازٌ وَذَلِكَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَمَا قَالَهُ مِنْ الْجَوَابِ عَمَّا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مُسَلَّمٌ صَحِيحٌ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَالْأُخْتُ فَرْعٌ فَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» . اهـ

قَالَ فِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ يَعْنِي أَنَّ الْمُرْضِعَةَ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأُمِّ فَتَحْرُمُ عَلَى الْمُرْضَعِ هِيَ وَكُلُّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ مِنْ قِبَلِ أُمِّ النَّسَبِ. اهـ

وَقَالَ تَعَالَى قَبْلَ ذَلِكَ فِيمَا يُحَرِّمُ الْمُصَاهَرَةَ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٢] يُرِيدُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] مِنْ زَوْجَاتِ أَبْنَاءِ التَّبَنِّي قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ وَابْنُ التَّبَنِّي كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ إذْ تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: ٥] وَهَذِهِ هِيَ الْفَائِدَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] لِيَسْقُطَ وَلَدُ التَّبَنِّي وَيَذْهَبَ اعْتِرَاضُ الْجَاهِلِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نِكَاحِ زَيْنَبَ زَوْجِ زَيْدٍ وَقَدْ كَانَ يُدَّعَى لَهُ فَنَهَجَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ بِبَيَانِهِ اهـ وَلَمْ يَحْتَرِزْ بِهِ مِنْ زَوْجَاتِ ابْنِ الرَّضَاعِ لِجَرَيَانِهِ مَجْرَى ابْنِ النَّسَبِ فِي جُمْلَةٍ مِنْ الْأَحْكَامِ مُعْظَمُهَا التَّحْرِيمُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٢٣] حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ النَّسَبِ سَبْعًا وَمِنْ الصِّهْرِ سَبْعًا وَهَذَا صَحِيحٌ وَهُوَ أَصْلُ الْمُحَرَّمَاتِ وَوَرَدَتْ مِنْ جِهَةٍ مُبَيِّنَةٍ لِجَمِيعِهَا بِأَخْصَرِ لَفْظٍ وَأَدَلِّ مَعْنًى فَهِمَتْهُ الصَّحَابَةُ الْعَرَبُ وَخَبَّرَ بِهِ الْعُلَمَاءُ وَنَحْنُ نُفَصِّلُ ذَلِكَ الْبَيَانَ فَنَقُولُ (أَمَّا الْأَصْنَافُ) النِّسْبِيَّةُ السَّبْعَةُ (فَالْأُمُّ) عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لَهَا عَلَيْك وِلَادَةٌ وَيَرْتَفِعُ نَسَبُك إلَيْهَا بِالْبُنُوَّةِ كَانَتْ عَلَى عَمُودِ الْأَبِ أَوْ عَلَى عَمُودِ الْأُمِّ وَكَذَلِكَ مَنْ فَوْقَك (وَالْبِنْتُ) عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لَك عَلَيْهَا وِلَادَةٌ تَنْتَسِبُ إلَيْك بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ إذَا كَانَ مَرْجِعُهَا إلَيْك (وَالْأُخْتُ) عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ شَارَكَتْك فِي أَصْلَيْك أَبِيك وَأُمِّك وَلَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأُخْتِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَك أُخْتًا فَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ ثُمَّ يُقَدَّرُ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ مِنْ غَيْرِهَا بِنْتَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَتَصْوِيرُهَا أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ اسْمُهُ زَيْدٌ زَوْجَتَانِ عَمْرَةُ وَخَالِدَةُ وَلَهُ مِنْ عَمْرَةَ وَلَدٌ اسْمُهُ عُمَرُ وَمِنْ خَالِدَةَ بِنْتٌ اسْمُهَا سَعَادَةُ وَلِخَالِدَةَ زَوْجٌ اسْمُهُ بَكْرٌ وَلَهُ مِنْهَا بِنْتٌ اسْمُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>