للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْنَى إزَالَةِ الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَهِرَ هُوَ الطَّلَاقُ دُونَ الِانْطِلَاقِ، وَكَذَلِكَ أَطْلَقْتُك وَانْطَلَقْت مِنْك وَانْطَلِقِي مِنِّي وَأَنْتِ مُنْطَلِقَةٌ، وَقَدْ خَالَفْنَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي أَنَا طَالِقٌ مِنْك؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْبُوسًا بِالنِّكَاحِ، بَلْ هِيَ الْمَحْبُوسَةُ وَقِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ أَنَا طَالِقٌ فَلَوْ كَانَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ لَوَقَعَ كَالْمَرْأَةِ؛ وَلِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يُوصَفُ بِهِ فَلَا يُقَالُ زَيْدٌ مُطَلَّقٌ وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِنَّا ذَلِكَ وَوَافَقَ الْمَشْهُورَ الشَّافِعِيُّ

(وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ) أَنَّهُ مَحْبُوسٌ عَنْ عَمَّتِهَا وَأُخْتِهَا وَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا هُوَ لَازِمٌ فَيَخْرُجُ عَنْ لُزُومِهِ

(وَعَنْ الثَّانِي) أَنَّ وَصْفَهُ بِطَالِقٍ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَنْ امْرَأَةٍ فَلَمْ يُعَيِّنْهَا اللَّفْظُ، وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ عِصْمَتِهِ لِتَعَذُّرِ تَعَدُّدِ الْأَزْوَاجِ دُونَ الزَّوْجَاتِ

(وَعَنْ الثَّالِثِ) أَنَّ مُطَلَّقٌ اسْمُ مَفْعُولٍ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَضِي لِطَلَاقِهِ غَيْرَهُ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ.

وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْتِ مُطْلَقَةٌ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالنِّسَاءِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنْتِ الطَّلَاقُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَصْدَرِ عَنْ اسْمِ الْفَاعِلِ مَجَازٌ فَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ

(وَجَوَابُهُ) أَنَّهُ مَجَازٌ تَعَيَّنَ بِقَرِينَةٍ تَعَذَّرَ أَنَّهَا عَيْنُ الطَّلَاقِ، وَإِذَا تَعَيَّنَ لِاسْمِ الْفَاعِلِ اسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ مَانِعٌ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

، قُلْت فِيهِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ الِاشْتِقَاقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً صَحِيحٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الِانْطِلَاقَ لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَا مِنْ مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ (وَقَدْ خَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي أَنَا طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحْبُوسًا بِالنِّكَاحِ إلَى آخِرِ جَوَابِهِ الْأَوَّلِ) لَيْسَ مَعْنَى الطَّلَاقِ مَعْنَى الِانْطِلَاقِ حَتَّى يَلْزَمَ مَا جَاوَبَ بِهِ، بَلْ الطَّلَاقُ حِلُّ الْعِصْمَةِ فَقَطْ وَهُوَ أَمْرٌ يَصْدُرُ مِنْ الرَّجُلِ وَيَقَعُ بِالْمَرْأَةِ فَإِذَا قَالَ أَنَا طَالِقٌ مِنْك فَقَدْ عَكَسَ الْمَعْنَى فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ (وَعَنْ الثَّانِي إلَى آخِرِهِ) ، قُلْت هُوَ جَوَابٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يَخْطِرُ بِالْبَالِ قَالَ

(وَعَنْ الثَّالِثِ إلَى آخِرِهِ) ، قُلْت وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُتَعَذِّرًا حَقِيقَةً، فَلَيْسَ بِمُتَعَذِّرٍ مَجَازًا قَالَ (وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْتِ مُطْلَقَةٌ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا إلَّا بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالنِّسَاءِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ) ، قُلْت هُوَ كَمَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ (وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنْتِ الطَّلَاقُ إلَى آخِرِ جَوَابِهِ) ، قُلْت الْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

ابْنَتَيْ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِ عَمِّهَا أَوْ بِنْتِ عَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ بِنْتِ خَالَتِهَا وَقَالَ قَوْمٌ يُفَسَّرُ الْعُمُومُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ مُحَرَّمَةٌ أَعْنِي لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى لَمْ يَجُزْ لَهُمَا أَنْ يَتَنَاكَحَا وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْمَعْنَى فَقِيلَ بِاعْتِبَارِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا بَلْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَيُمْنَعُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَابْنَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا الْمَعْنَى اخْتَارَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ أَنَّ الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا جُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى لَمْ يَجُزْ لَهُمَا أَنْ يَتَنَاكَحَا فَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَابْنَتِهِ مِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ إنْ وَضَعْنَا الْبِنْتَ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ مِنْهُ لِأَنَّهَا زَوْجُ أَبِيهِ وَإِنْ جَعَلْنَا الْمَرْأَةَ ذَكَرًا حَلَّ لَهَا نِكَاحُ ابْنَةِ الزَّوْجِ لِأَنَّهَا تَكُونُ ابْنَةَ الْأَجْنَبِيِّ. اهـ

بِتَصَرُّفٍ وَتَوْضِيحٍ وَقَالَ الْأَصْلُ لَا يَكُونُ ضَابِطُ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ مَانِعًا مِنْ انْدِرَاجِ مَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ كَالْمَرْأَةِ وَابْنَةِ زَوْجِهَا وَالْمَرْأَةِ وَأُمِّ زَوْجِهَا إلَّا إذَا قِيلَ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ مَا يَمْنَعُ تَنَاكُحَهُمَا لَوْ قُدِّرَ إحْدَاهُمَا رَجُلًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَطْءِ بِعَقْدٍ وَلَا مِلْكٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - إذْ لَوْلَا قَيْدُ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ لَانْدَرَجَ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَابْنَةُ زَوْجِهَا وَالْمَرْأَةُ وَأُمُّ زَوْجِهَا فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ إحْدَاهُمَا رَجُلًا وَالْأُخْرَى امْرَأَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِسَبَبِ أَنَّ الْمَرْأَةَ حِينَئِذٍ إمَّا أُمُّ امْرَأَةِ الرَّجُلِ أَوْ رَبِيبَتُهُ فَتَحْرُمُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ وَمَعَ ذَلِكَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الضَّابِطُ بَاطِلًا فَإِذَا قُلْنَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ مَا يَمْنَعُ التَّنَاكُحَ خَرَجَا مِنْ الضَّابِطِ وَبَقِيَ جَيِّدًا. اهـ

قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ وَمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ بِسَبَبِ أَنَّ الْمَرْأَةَ حِينَئِذٍ إمَّا امْرَأَةُ الرَّجُلِ أَوْ رَبِيبَتُهُ فَبِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ أَمَّا أُمُّ امْرَأَةِ الرَّجُلِ لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْمَرْأَةَ رَجُلٌ وَأَنَّ أُمَّ زَوْجِهَا زَوْجَتُهُ فَيَتَعَيَّنُ الْمُعَرَّفُ وَهُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَحَقُّهُ أَنْ لَا يَتَعَيَّنَ لِأَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ بِتَغَيُّرِ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ أَوْ رَبِيبَتُهُ فَيَصِحُّ نَظَرًا لِلِاشْتِرَاكِ فِي لَفْظِ رَبِيبَتِهِ فَإِنَّهُ يُقَالُ عَلَى زَوْجَةِ الْأَبِ فِي الْعُرْفِ الْجَارِي الْآنَ وَعَلَى بِنْتِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ. اهـ

قُلْت وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ تَقْدِيرَ أَحَدِ الطَّرْقِينَ أُنْثَى وَالْآخَرِ ذَكَرًا بِدُونِ تَعْيِينٍ لِذَلِكَ الْأَحَدِ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ لَا يَتَأَتَّى فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ وَأُمِّ زَوْجِهَا وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ وَابْنَةِ زَوْجِهَا نَظَرًا لِلِاشْتِرَاكِ فِي لَفْظِ الرَّبِيبَةِ فِي الْعُرْفِ الْجَارِي الْآنَ وَقَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْحَفِيدِ عَدَمَ تَأَتِّي ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ وَابْنَةِ زَوْجِهَا أَيْضًا ثُمَّ لَا يَخْفَاك أَنَّ قَيْدَيْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ فِي الضَّابِطِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>