للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ طَلَاقٌ وَلَا يَأْخُذُهُ بِقَيْدِ الْوَحْدَةِ وَلَا بِقَيْدِ الْكَثْرَةِ، ثُمَّ يُورِدُ الِاسْتِثْنَاءَ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ فَلَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ عَيْنَ مَا وَضَعَهُ

(الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ) أَنْ يَقْصِدَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا الْمَصْدَرَ الْمَوْصُوفَ بِالْوَحْدَةِ وَيَقْصِدَ بِقَوْلِهِ إلَّا وَاحِدَةً الطَّلَاقَ الْمَوْصُوفَ بِالْوَحْدَةِ فَلَا يَنْفَعُهُ أَيْضًا اسْتِثْنَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ جُمْلَةَ مَا وَضَعَهُ

(الْحَالَةُ الْخَامِسَةُ) أَنْ يُرِيدَ بِلَفْظِ الْأَوَّلِ الطَّلَاقَ الْمَوْصُوفَ بِالْوَحْدَةِ وَيَقْصِدَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمَوْصُوفِ وَهُوَ مَفْهُومُ الطَّلَاقِ دُونَ الْوَحْدَةِ فَهَذَا مُسْتَثْنًى لِبَعْضِ مَا نَطَقَ بِهِ مُطَابَقَةً غَيْرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ أَصْلِ الطَّلَاقِ نَفْيُ صِفَاتِهِ مِنْ الْوَحْدَةِ وَالْكَثْرَةِ فَتَنْتَفِي الصِّفَةُ أَيْضًا مَعَ الْمَوْصُوفِ فَيَبْطُلُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَيَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ بِالْمُطَابَقَةِ وَالِالْتِزَامِ

(الْحَالَةُ السَّادِسَةُ) أَنْ يَسْتَعْمِلَ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي الطَّلَاقِ بِوَصْفِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إطْلَاقُ الْجِنْسِ وَإِرَادَةُ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا وَاحِدَةً يُرِيدُ بِهَا بَعْضَ ذَلِكَ الْعَدَدِ الَّذِي كَانَ يَقْصِدُهُ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ وَهُمَا اللَّتَانِ بَقِيَتَا فِي الْأُولَى وَخَرَجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَهَذَا تَقْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِهَا ظَهَرَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً كَيْف تَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً إنْ أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ أَحَدَ هَذِهِ الثَّلَاثِ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ.

وَإِنْ أَرَادَ اسْتِثْنَاءَ الصِّفَةِ وَهِيَ الْوَحْدَةِ عَنْ طَلْقَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَلْزَمَهُ أَرْبَعُ تَطْلِيقَاتٍ لِأَنَّهُ رَفَعَ صِفَةَ الْوَحْدَةِ عَنْ طَلْقَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ فَيَقَعُ فِيهَا الْكَثْرَةُ فَتَصِيرُ تِلْكَ الطَّلْقَةُ طَلْقَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إلَى لُزُومِ أَرْبَعٍ بِالْإِجْمَاعِ اقْتَصَرْنَا عَلَى ثَلَاثٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعَ تَطْلِيقَاتٍ وَمِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الصِّفَاتِ قَوْلُ الشَّاعِرِ (:

قَاتَلَ ابْنَ الْبَتُولِ إلَّا عَلِيًّا)

قَالَ الْأُدَبَاءُ مَعْنَاهُ قَاتَلَ ابْنَ فَاطِمَةَ الْبَتُولِ أَيْ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْ الْأَزْوَاجِ إلَّا عَنْ عَلِيٍّ فَاسْتَثْنَى مِنْ صِفَتِهَا وَلَمْ يَسْتَثْنِهَا غَيْرَ أَنَّهُ فِي هَذَا الْكَلَامِ لَمْ يَسْتَثْنِ جُمْلَةَ الصِّفَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ، بَلْ مِنْ مُتَعَلِّقِهَا فَإِنَّ الِانْقِطَاعَ الَّذِي هُوَ التَّبَتُّلُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَنْ الْأَزْوَاجِ كُلِّهَا فَلِذَلِكَ اسْتَثْنَى مِنْ مُتَعَلِّقِ التَّبَتُّلِ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمِنْ التَّبَتُّلِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا} [المزمل: ٨] أَيْ انْقَطِعْ إلَيْهِ انْقِطَاعًا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ - إِلا مَوْتَتَنَا الأُولَى} [الصافات: ٥٨ - ٥٩] فَهَذَا اسْتِثْنَاءُ نَوْعٍ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

مِنْ الْأُخْتَيْنِ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّا نَحْمِلُ عُقُودَهُمْ عَلَى الصِّحَّةِ مُطْلَقًا تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ كَمَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْقِصَاصُ وَالْغُصُوبُ وَمَا جَنَوْهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ وَيَثْبُتُ مَا اكْتَسَبُوهُ بِعُقُودِ الرِّبَا وَغَيْرِهِ مِنْ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمْ لَوْ فَهِمُوا الْمُؤَاخَذَةَ بِذَلِكَ لَنَفَرُوا عَنْ الْإِسْلَامِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنْكِحَتُهُمْ عِنْدَهُمْ فَاسِدَةٌ وَإِنَّمَا الْإِسْلَامُ يُصَحِّحُهَا أَيْ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَفْسَدَةٍ تَدُومُ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ أَوْ لَا تَدُومُ لَكِنْ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ كَالزَّوَاجِ فِي الْعِدَّةِ فَيُسْلِمُ فِيهَا أَيْ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ يَبْطُلُ وَإِنْ عَرَى نِكَاحُهُمْ عَنْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ صَحَّ بِالْإِسْلَامِ وَقَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا نَقْهَرُهُمْ عَلَى مَا هُوَ فَاسِدٌ عِنْدَ هُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا عِنْدَنَا وَلَوْ اعْتَقَدُوا غَصْبَ امْرَأَةِ أَوْ رِضَاهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَ الرَّجُلِ بِغَيْرِ عَقْدٍ أَقْرَرْنَاهُمْ. اهـ

قَالَ الْأَصْلُ سَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَالْقَضَاءُ بِبُطْلَانِ أَنْكِحَتِهِمْ مُطْلَقًا مُشْكِلٌ مِنْ وُجُوهٍ

(الْوَجْهُ الْأَوَّلُ) وِلَايَةُ الْكَافِرِ لِلْكَافِرَةِ صَحِيحَةٌ وَالشَّهَادَةُ عِنْدَنَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ حَتَّى نَقُولَ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ لِكُفْرِهِمْ عَلَى أَنَّا لَوْ قُلْنَا إنَّهَا شَرْطٌ وَأَشْهَدَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْمُسْلِمِينَ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ وَالْمُسْلِمُ إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ شُهُودٍ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَيَسْتَقِرَّ عَقْدُهُ وَإِنَّمَا غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ صَدَاقَهُمْ قَدْ يَقَعُ بِمَا لَا يَحِلُّ مِنْ الْخَمْرِ وَهَذَا قَدْ يَقَعُ فِي أَنْكِحَةِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ وَجُهَّالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ بِحَيْثُ تُحْمَلُ بَعْضُ الشُّرُوطِ أَوْ كُلُّهَا فَكَمَا لَا نَقْضِي بِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ نُفَصِّلُ وَنَقُولُ مَا صَادَفَ الْأَوْضَاعَ الشَّرْعِيَّةَ وَاجْتَمَعَتْ شَرَائِطُهُ فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا كَذَلِكَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا نَقْضِي بِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ نُفَصِّلُ بِالتَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ نَقُولَ بِصِحَّةِ مَا صَادَفَ سَوَاءٌ أَسْلَمُوا أَمْ لَا وَمَا لَمْ يُصَادِفْ فَهُوَ بَاطِلٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَقَدْ يَصِحُّ بِالْإِسْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَذْهَبَ تَقْرِيرُ رِضَاهُمْ بِالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ

(الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقَانُونِ أَنْ لَا يُخَيَّرَ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا إذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا بَلْ نَقُولُ إنْ تَقَدَّمَ عَقْدُ الْبِنْتِ صَحِيحًا تَعَيَّنَتْ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَإِذَا أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ لَا نَقْضِي بِالتَّخْبِيرِ مُطْلَقًا بَلْ نُفَرِّقُ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ وَقَعَ مِنْهَا أَرْبَعٌ أَوَّلًا عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ تَعَيَّنَتْ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَإِنْ عَقَدَ عَلَى الْعَشَرَةِ جُمْلَةً وَاحِدَةً خُيِّرَ بَيْنَهُنَّ لِشُمُولِ الطَّلَاقِ لَهُنَّ

(الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنَّا إذَا حَكَمْنَا بِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ مُطْلَقًا كَانَ يَلِيقُ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمَوَانِعِ الْمَاضِيَةِ وَمَا بَقِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>