للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِجْزَاءُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَالدَّيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَائِرَةٌ بَيْنَ قَوَاعِدَ

(الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) قَاعِدَةُ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ إعْطَاءُ الْمَوْجُودِ حُكْمَ الْمَعْدُومِ وَالْمَعْدُومِ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَالْأَوَّلُ كَالْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ فِي الْعُقُودِ إذَا قَلَّا أَوْ تَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ عَنْهُمَا نَحْوُ أَسَاسِ الدَّارِ وَقُطْنِ الْجُبَّةِ وَرَدَاءَةِ بَوَاطِنِ الْفَوَاكِهِ وَدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَجَاسَةِ ثَوْبِ الْمُرْضِعِ وَالْوَارِثِ الْكَافِرِ أَوْ الْعَبْدِ يُقَدَّرُ عَدَمُهُ فَلَا يُحْجَبُ وَالثَّانِي كَتَقْدِيرِ الْمِلْكِ فِي الدِّيَةِ مُقَدَّمًا قَبْلَ زُهُوقِ الرُّوحِ فِي الْمَقْتُولِ خَطَأً حَتَّى يَصِحَّ فِيهَا الْإِرْثُ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالزُّهُوقِ وَحِينَئِذٍ لَا يُقْبَلُ الْمَحَلُّ الْمِلْكَ وَالْمِيرَاثُ فَرْعُ مِلْكِ الْمَوْرُوثِ فَيُقَدِّرُ الشَّارِعُ الْمِلْكَ مُتَقَدِّمًا قَبْلَ الزُّهُوقِ بِالزَّمَنِ الْفَرْدِ حَتَّى يَصِحَّ الْإِرْثُ وَكَتَقْدِيرِ النِّيَّةِ فِي أَوَّلِ الْعِبَادَاتِ مُمْتَدَّةً إلَى آخِرِهَا وَكَتَقْدِيرِ الْإِيمَانِ فِي حَقِّ النَّائِمِ الْغَافِلِ حَتَّى تَنْعَصِمَ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ وَتَقْدِيرِ الْكُفْرِ فِي الْكَافِرِ الْغَافِلِ حَتَّى تَصِحَّ إبَاحَةُ الدَّمِ وَالْمَالِ وَالذُّرِّيَّةِ وَقَاعِدَةُ التَّقَادِيرِ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) أَنَّ الْهِبَةَ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ بَطَلَتْ

(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ) الْكَفَّارَاتُ عِبَادَةٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا، وَقِيلَ لَا تَجِبُ النِّيَّةُ

(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ) كُلُّ مَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ نَفَذَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ أَوْ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ وَهُوَ مَنْفَعَةٌ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ أَوْ مَالٌ فَلَهُ أَخْذُهُ مِمَّنْ دَفَعَهُ عَنْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْمُولُ لَهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَمَلِ ذَلِكَ بِالِاسْتِئْجَارِ أَوْ إنْفَاقِ ذَلِكَ الْمَالِ أَمَّا إنْ كَانَ شَأْنُهُ فِعْلَهُ إيَّاهُ بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغُلَامِهِ وَتَحْصُلُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

ذَلِكَ بِيَدِهَا عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ فَيَحْصُلُ لَهُ مَا أَحَبَّ وَيَأْمَنُ مِمَّا يَخْشَاهُ فَتَأَمَّلْهُ بِإِنْصَافٍ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ فَفِي الْفَائِقِ مَا نَصُّهُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مَا اشْتَرَاهُ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ مِنْ الثِّيَابِ فَلَبِسَتْهَا فِي غَيْرِ الْبِذْلَةِ ثُمَّ نَزَلَ بَيْنَهُمَا فِرَاقٌ وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ عَارِيَّةٌ وَأَنْكَرَتْهُ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِثْلُهُ يَشْتَرِي الثِّيَابَ لِزَوْجِهِ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ فِي مُلَائِهِ وَشَرَفِهِ لَا يَشْتَرِي ذَلِكَ لِلْعَارِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا قَالَ وَسَوَاءٌ كَانَ لِبَاسُهَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا. اهـ

وَذَكَرَ ابْنُ عَاتٍ فِي طُرَرِهِ قَوْلَ الدَّاوُدِيِّ وَزَادَ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ تُلَيْدٍ وَإِنْ ابْتَاعَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ كِسْوَةً مِثْلَ ثَوْبٍ أَوْ فَرْوٍ ثُمَّ تَمُوتُ فَيُرِيدُ أَخْذَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهَا وَكَذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْبِذْلَةِ اهـ وَجَرَيَانُ الْعَمَلِ بِهَذَا الْقَوْلِ لَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَهُ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ لِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ شُرُوطًا مِنْهَا اسْتِمْرَارُ الْعَمَلِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا إذْ كَثِيرٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مِمَّنْ بَعْدَ صَاحِبِ الطِّرَازِ لَمْ يُعَرِّجُوا عَلَيْهِ وَأَفْتَوْا بِغَيْرِهِ سَيِّدِي عَبْدُ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ فِي أَجْوِبَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ وَلَدُهُ فِي نَظْمِ الْعَمَلِ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِمَّنْ تَعَرَّضُوا لِعَدِّ مَا بِهِ الْعَمَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيِّ لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي لِبَاسِهَا تِلْكَ الثِّيَابَ وَامْتِهَانِهَا فَهَلْ تَسْتَحِقُّهَا بِذَلِكَ أَمْ لَا إلَخْ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ الْإِمَامَانِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْوَنْشَرِيسِيُّ وَسَيِّدِي عَبْدُ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الطَّلَاقِ الَّتِي جَعَلَهَا أَصْلًا لِهَذِهِ مُبَايِنَةٌ لِهَذِهِ أَشَدَّ الْمُبَايَنَةِ لِأَنَّ مَسْأَلَتَنَا هَذِهِ قَدْ سَلَّمَ هُوَ نَفْسُهُ أَنَّ دَفْعَ الزَّوْجِ لِمَا ذُكِرَ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ وَهَبَهَا مَثَلًا وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ بَلْ وَلَا خَارِجَهُ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تُمْلَكُ بِطُولِ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَلَا بِامْتِهَانِ الْمُعَارِ إيَّاهَا وَدَفْعُ الزَّوْجِ الْكِسْوَةَ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ كَانَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ أَدَاءً لِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ عَنْ قُرْبٍ فَتَرْجِعُ لَهُ أَوْ بُعْدٍ فَلَا وَحَدُّوا الْبُعْدَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ لَا الْكِسْوَةَ بَعْدَ أَشْهُرٍ فَيَلْزَمُ عَلَى قِيَاسِهِ هَذَا أَنَّهَا مَهْمَا أَقَامَتْ بِيَدِهَا الْعَارِيَّةُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَهُوَ لَهَا وَالنُّصُوصُ مُصَرِّحَةٌ بِرَدِّ ذَلِكَ فَرَاجِعْهَا مُتَأَمِّلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَأَمَّلْهُ بِإِنْصَافٍ.

وَعَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِثْلُهَا وَهِيَ أَنْ تَكْسُوَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فَفِي الْفَائِقِ مَا نَصُّهُ كَتَبَ إلَى الْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ بْنِ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا تَقُولُ فِيمَا تُخْرِجُهُ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا فِي شُورَتِهَا بِاسْمِ الزَّوْجِ كَالْغِفَارَةِ وَالْمَحْشُوِّ وَالْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَرُبَّمَا لَبِسَ ذَلِكَ الزَّوْجُ بَعْدَ بِنَائِهِ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ أَوْ الْكَثِيرَةِ وَرُبَّمَا لَمْ يَلْبَسْهَا ثُمَّ تَذْهَبُ الزَّوْجَةُ وَوَلِيُّهَا إلَى أَخْذِ الثِّيَابِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا كَانَتْ عَارِيَّةً وَأَنَّهَا جَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّزَيُّنِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْعَطِيَّةِ فَهَلْ تَرَى ذَلِكَ لِلزَّوْجِ أَمْ لَا فَأَجَابَ إنْ كَانَ فِي هَذِهِ الثِّيَابِ الْمُخْرَجَةِ فِي الشُّورَةِ عُرْفُ الْبَلَدِ قَدْ جَرَى بِهِ الْأَمْرُ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ حُكِمَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عُرْفٌ مَعْلُومٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيُّهَا فِيمَا يَدَّعِيَانِ مِنْ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ أَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّزْيِينِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ لَا رَبَّ سِوَاهُ. اهـ

وَنَحْوُهُ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ وَنَسَبَهُ لِمُخْتَصَرِ الْخُدَيْرِيَّةِ وَنَحْوُهُ فِي الدُّرِّ النَّثِيرِ وَنَسَبَهُ لِمُخْتَصَرِ الْخُدَيْرِيَّةِ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمَوَّاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>