مُضَافًا فِي الْمَعْنَى لِبَعْدِ وَمُتَأَخِّرًا عَنْ بَعْدَ وَهُوَ الْبَعْدُ الثَّانِي فَيَكُونُ رَمَضَانُ قَبْلَ الْبَعْدِ الثَّانِي وَالْبَعْدُ الثَّانِي هُوَ شَوَّالٌ فَالْوَاقِعُ قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَلَيْسَ لَنَا شَهْرٌ بَعْدَهُ بَعْدَانِ رَمَضَانُ قَبْلَ الْبَعْدِ الْأَخِيرِ إلَّا شَعْبَانَ فَإِنْ قُلْت فَرَمَضَانُ حِينَئِذٍ هُوَ قَبْلَ الْبَعْدِ الْأَخِيرِ وَهُوَ شَوَّالٌ بِاعْتِبَارِ الْبَعْدِ الْأَوَّلِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَبَعْدَ وَهُوَ مُحَالٌ لِأَنَّ الْقَبْلَ وَالْبَعْدَ ضِدَّانِ وَاجْتِمَاعُ الضِّدَّيْنِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مُحَالٌ قُلْت: مُسَلَّمٌ أَنَّهُمَا ضِدَّانِ وَأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ رَمَضَانُ وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ إضَافَتَيْنِ فَيَكُونُ رَمَضَانُ قَبْلَ بِاعْتِبَارِ شَوَّالٍ وَبَعْدَ بِاعْتِبَارِ شَعْبَانَ كَمَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ صَدِيقًا لِلْمُؤْمِنِينَ عَدُوًّا لِلْكَافِرِينَ فَتَجْتَمِعُ فِيهِ الصَّدَاقَةُ وَالْعَدَاوَةُ بِاعْتِبَارِ فَرِيقَيْنِ وَذَلِكَ مُمْكِنٌ وَلَيْسَ بِمُحَالٍ إنَّمَا الْمُحَالُ لَوْ اتَّحَدَتْ الْإِضَافَةُ وَلَمْ تَتَّحِدْ إذَا تَقَرَّرَ لَك هَذَا فَتَيَقَّنْ أَنْ لَوْ زِدْنَا فِي لَفْظِ بَعْدَ لَفْظَةً أُخْرَى مِنْهُ فَقُلْنَا: قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدَ بَعْدِهِ رَمَضَانُ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ رَجَبًا وَإِنْ جَعَلْنَا الْبَعْدَاتِ أَرْبَعَةً تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ جُمَادَى الْأَخِيرَةَ أَوْ خَمْسَةً تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ جُمَادَى الْأُولَى، أَوْ سِتَّةً تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ رَبِيعًا الْآخَرَ.
وَكَذَلِكَ كُلَّمَا زِدْت بَعْدَ انْتَقَلْت إلَى شَهْرٍ قَبْلُ فَإِنَّ هَذِهِ الظُّرُوفَ شُهُورٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فَيَخْرُجُ لَك عَلَى هَذَا الضَّابِطِ مَسَائِلُ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ غَيْرَ الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ الَّتِي فِي الْبَيْتِ وَإِذَا وَصَلْت إلَى أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ظَرْفًا فَقَدْ دَارَتْ السَّنَةُ مَعَك فَرُبَّمَا عُدْت إلَى عَيْنِ الشَّهْرِ الَّذِي كُنْت قُلْتَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنْ مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْحَالُ فِي السِّنِينَ إذَا كَثُرَتْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ هَذَا كُلُّهُ إذَا قُلْنَا: قَبْلَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ فَإِنْ عَكَسْنَا وَقُلْنَا: بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَمُقْتَضَى جَعْلِنَا الظُّرُوفَ مُتَجَاوِرَةً عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ يَكُونُ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ رَمَضَانُ فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَ جَمِيعِ مَا هُوَ قَبْلَهُ وَبَعْدَ قَبْلَاتِهِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ قَالَ: أَنَّهُ شَوَّالٌ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ الْقَبْلَ الْأَوَّلَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْبَعْدِ الْأَوَّلِ وَالْبَعْدُ الْأَوَّلُ مُتَوَسِّطٌ مُضَافٌ لِلْبَعْدِ الْأَخِيرِ الْمُضَافِ لِلضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَنَفْرِضُ شَهْرًا وَهُوَ شَوَّالٌ فَقَبْلَهُ رَمَضَانُ وَقَبْلَ رَمَضَانَ شَعْبَانُ وَالسَّائِلُ قَدْ قَالَ: إنَّ رَمَضَانَ بَعْدَ أَحَدِ الْقَبْلَيْنِ وَالْقَبْلُ الْآخَرُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ لَنَا شَهْرٌ قَبْلَهُ شَهْرَانِ الثَّانِي مِنْهُمَا رَمَضَانُ إلَّا شَوَّالًا فَيَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ رَمَضَانُ مَوْصُوفًا بِأَنَّهُ بَعْدُ بِاعْتِبَارِ شَعْبَانَ وَبِأَنَّهُ قَبْلُ بِاعْتِبَارِ شَوَّالٍ وَلَا تَضَادَّ كَمَا تَقَدَّمَ جَوَابُهُ فَإِنْ زِدْنَا فِي لَفْظَةِ قَبْلَ لَفْظَةً أُخْرَى فَقُلْنَا: بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلَهُ رَمَضَانُ كَانَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ هُوَ ذُو الْقَعْدَةِ فَإِنَّ رَمَضَانَ أُضِيفَ لِقَبْلُ قَبْلَ قَبْلَيْنِ وَهُمَا شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ فَإِنْ جَعَلْنَا لَفْظَ قَبْلَ أَرْبَعًا كَانَ ذَا الْحِجَّةِ، أَوْ خَمْسًا كَانَ الْمُحَرَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي لَفْظِ بَعْدَ، غَيْرَ أَنَّك تَنْتَقِلُ فِي لَفْظِ بَعْدَ تَقَدُّمًا، وَفِي لَفْظِ قَبْلَ تَأَخُّرًا، فَإِنَّ بَعْدَ لِلِاسْتِقْبَالِ.
فَكُلَّمَا كَثُرَتْ كَثُرَ الِاسْتِقْبَالُ، وَرَمَضَانُ هُوَ مُضَافٌ لِلْآخَرِ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ بَعْدَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فِي الْمَاضِي حَتَّى يَتَأَخَّرَ رَمَضَانُ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَيُضَافُ لِلْبَعْدِ الْأَخِيرِ وَيَنْتَقِلُ فِي لَفْظِ قَبْلَ إذَا كَثُرَ مُتَأَخِّرًا لِأَنَّ قَبْلَ لِلْمَاضِي وَرَمَضَانُ مُضَافٌ لِلْقَبْلِ الْمُجَاوِرِ لَهُ دُونَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَيَكُونُ لِلشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ قَبْلَاتٌ كَثِيرَةُ رَمَضَانُ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَبَقِيَّةُ الْقَبْلَاتِ بَيْنَ رَمَضَانَ وَالشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَيَتَعَيَّنُ الِانْتِقَالُ لِلِاسْتِقْبَالِ بِحَسَبِ كَثْرَةِ لَفَظَاتِ قَبْلَ وَإِذَا قُلْنَا بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ يَتَعَيَّنُ جُمَادَى الْآخِرَةُ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
إلَى عَيْنِ الشَّهْرِ الَّذِي كُنْت قُلْتُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَكِنْ مِنْ سَنَةٍ أُخْرَى وَهَكَذَا يَكُونُ الْحَالُ فِي السِّنِينَ إذَا كَثُرَتْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَإِذَا زِدْنَا عَلَى قَوْلِنَا بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ فِي لَفْظِ قَبْلَ لَفْظَةٍ أُخْرَى فَقُلْنَا بَعْدَ مَا قَبْلَ قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ كَانَ الشَّهْرُ الْمَسْئُولُ عَنْهُ هُوَ ذُو الْقَعْدَةِ فَإِنَّ رَمَضَانَ أُضِيفَ لِقَبْلُ قَبْلَ قَبْلَيْنِ وَهُمَا شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ.
وَإِنْ جَعَلْنَا لَفْظَ قَبْلَ أَرْبَعًا كَانَ ذَا الْحِجَّةِ أَوْ خَمْسًا كَانَ الْمُحَرَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي لَفْظِ بَعْدَ غَيْرَ أَنَّك تَنْتَقِلُ فِي لَفْظِ بَعْدَ تَقَدُّمًا وَفِي لَفْظِ قَبْلَ تَأَخُّرًا فَإِنَّ بَعْدَ لِلِاسْتِقْبَالِ فَكُلَّمَا كَثُرَتْ كَثُرَ الِاسْتِقْبَالُ وَرَمَضَانُ مُضَافٌ لِلْآخَرِ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ بَعْدَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فِي الْمَاضِي حَتَّى يَتَأَخَّرَ رَمَضَانُ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَيُضَافُ لِلْبَعْدِ الْأَخِيرِ وَيَنْتَقِلُ فِي لَفْظِ قَبْلَ إذَا كَثُرَ مُتَأَخِّرًا لِأَنَّ قَبْلَ لِلْمَاضِي وَرَمَضَانُ مُضَافٌ لِلْقَبْلِ الْمُجَاوِرِ لَهُ دُونَ الشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَيَكُونُ لِلشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ قَبْلَاتٌ كَثِيرَةٌ رَمَضَانُ بَعْدَ الْأَوَّلِ فِيهَا وَبَقِيَّةُ الْقَبْلَاتِ بَيْنَ رَمَضَانَ وَالشَّهْرِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ فَيَتَعَيَّنُ الِانْتِقَالُ لِلِاسْتِقْبَالِ بِحَسَبِ كَثْرَةِ لَفَظَاتِ قَبْلِ وَإِذَا زِدْنَا لَفْظَةَ قَبْلِ عَلَى قَوْلِنَا قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ فَقُلْنَا: قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ تَعَيَّنَ الْمُحَرَّمُ لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ نَطَقَ بِأَرْبَعٍ مِنْ لَفْظِ قَبْلَ فَقَبْلَ الْمُحَرَّمِ ذُو الْحِجَّةِ وَقَبْلَ ذِي الْحِجَّةِ ذُو الْقَعْدَةِ وَقَبْلَ ذِي الْقَعْدَةِ شَوَّالٌ وَقَبْلَ شَوَّالٍ رَمَضَانُ وَهُوَ مَا قَالَهُ السَّائِلُ وَهَكَذَا يَتَعَيَّنُ الِانْتِقَالُ لِلِاسْتِقْبَالِ بِحَسَبِ كَثْرَةِ لَفَظَاتِ قَبْلِ وَإِذَا زِدْنَا لَفْظَةَ بَعْدَ عَلَى قَوْلِنَا بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدِهِ فَقُلْنَا: بَعْدَ مَا بَعْدَ بَعْدَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ تَعَيَّنَ جُمَادَى الْأُولَى لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ نَطَقَ بِأَرْبَعٍ مِنْ لَفْظِ بَعْدَ فَبَعْدَ جُمَادَى الْأُولَى جُمَادَى الْأَخِيرَةِ وَبَعْدَ جُمَادَى الْأَخِيرَةِ رَجَبٌ وَبَعْدَ رَجَبٍ شَعْبَانُ وَبَعْدَ شَعْبَانَ رَمَضَانُ وَهُوَ مَا قَالَهُ السَّائِلُ وَهَكَذَا يَتَعَيَّنُ الِانْتِقَالُ لِلْمَاضِي بِحَسَبِ كَثْرَةِ لَفَظَاتِ بَعْدِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَا ذَكَرَ يُعْلَمُ حُكْمُ بَاقِي الصُّوَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْمَقْصِدُ الثَّالِثُ) فِي تَقْرِيرِ الْبَيْتِ عَلَى طَرِيقَةِ الْتِزَامِ الْمَجَازِ فِي أَلْفَاظِهِ وَعَدَمِ النَّظْمِ بَلْ يَكُونُ الْكَلَامُ نَثْرًا فَتَصِيرُ الْمَسَائِلُ وَالْأَجْوِبَةُ سَبْعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةٍ وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ الْكَلَامِ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا وَثَلَثِمِائَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute