للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَابِلًا لِلِانْفِسَاخِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ الصَّرْفُ لَا يَقْبَلُ انْقِلَابَهُ لِمِلْكِ الْبَائِعِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْفَرْقِ وَكَمِثْلِ الْخَطَأِ فَإِنَّ لَهُ حُكْمَيْنِ

(أَحَدُهُمَا) يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالزُّهُوقِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ وَالْإِرْثُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِلْكُ الْمَيِّتِ فَيَجِبُ أَنْ يُقَدَّرَ مِلْكُهُ لَهَا حَالَةَ حَيَاتِهِ فِي حَالَةٍ تَقْبَلُ الْمِلْكَ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَقْبَلُهُ،

وَثَانِيهِمَا يَقْتَرِنُ بِهِ وَهُوَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى الْقَتْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدِّيَةِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

فِي الْأَسْبَابِ الْمُطَّرِدِ فِيهَا أَنَّ تَعَقُّبَهَا مُسَبَّبَاتُهَا أَوْ تُقَارِنُهَا.

وَأَمَّا عَدَمُ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَلِأَنَّ انْقِلَابَ الْمَبِيعِ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ إلَى ادِّعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى انْقِلَابِهِ إلَى مِلْكِهِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ ضَمَانِهِ مِنْهُ وَكَوْنُ ضَمَانِهِ مِنْهُ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنُهُ عَلَى مِلْكِهِ لِلُزُومِ الضَّمَانِ بِدُونِ الْمِلْكِ كَمَا فِي الْمُعْتَدِي وَإِنَّمَا كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ فِيهِ حَقُّ التَّوْفِيَةِ.

قَالَ (وَكَقَتْلِ الْخَطَأِ فَإِنَّ لَهُ حُكْمَيْنِ إحْدَاهُمَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالزَّهُوقِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا) قُلْت مَا قَالَهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ، بَلْ تَجِبُ بِإِنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ الَّذِي يَئُولُ إلَى الزُّهُوقِ قَالَ (وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَقْبَلُهُ) قُلْت لَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ مِلْكِ الدِّيَةِ، بَلْ هُوَ مُحَقَّقٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْإِنْفَاذُ لَا الزَّهُوق قَالَ

(وَثَانِيهمَا يَقْتَرِنُ بِهِ وَهُوَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى الْقَتْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدِّيَةِ) قُلْت قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهِمَا

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

عَدَمُ صِحَّةِ قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَأَبَا حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ إذَا قُرِئَ عِنْدَ الْقَبْرِ حَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَجْرُ الْمُسْتَمِعِ إذْ الْمَوْتَى قَدْ انْقَطَعَتْ عَنْهَا الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي فَكَمَا أَنَّ الْبَهَائِمَ تَسْمَعُ أَصْوَاتَنَا بِالْقِرَاءَةِ وَلَا ثَوَابَ لَهَا لِعَدَمِ الْأَمْرِ لَهَا بِالِاسْتِمَاعِ كَذَلِكَ الْمَوْتَى لَا يَكُونُ لَهُمْ ثَوَابٌ وَإِنْ كَانُوا مُسْتَمِعِينَ لِعَدَمِ الْأَمْرِ لَهُمْ بِالِاسْتِمَاعِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ وَلَا يَقَعُ فِيهِ خِلَافٌ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُمْ بَرَكَةُ الْقِرَاءَةِ لَا ثَوَابُهَا كَمَا تَحْصُلُ لَهُمْ بَرَكَةُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يُدْفَنُ عِنْدَهُمْ أَوْ يُدْفَنُونَ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِخِلَافِ الثَّوَابِ كَمَا عَلِمْت لَكِنَّ الَّذِي يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ لَا يُهْمِلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَلَعَلَّ الْحَقَّ هُوَ الْوُصُولُ إلَى الْمَوْتَى فَإِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ مَغِيبَةٌ عَنَّا، وَلَيْسَ فِيهَا اخْتِلَافٌ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَإِنَّمَا هُوَ فِي أَمْرٍ وَاقِعٍ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ التَّهْلِيلُ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ يَعْمَلُونَهُ الْيَوْمَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ، وَيُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا يُيَسِّرُهُ وَيُلْتَمَسُ فَضْلُ اللَّهِ بِكُلِّ سَبَبٍ مُمْكِنٍ وَمِنْ اللَّهِ الْجُودُ وَالْإِحْسَانُ اهـ.

قَالَ الرَّهُونِيُّ وَكَنُونٌ وَنُقِلَ هَذَا عَنْ الْقَرَافِيِّ صَاحِبِ الْمِعْيَارِ وَابْنِ الْفُرَاتِ وَالشَّيْخِ مُصْطَفَى الرَّمَاصِيِّ قَالَ كَنُونِ وَنَقَلَ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ فِي بَابِ الْحَجِّ مِنْ جَوَابٍ لِلْفَقِيهِ الْمُحَدِّثِ أَبِي الْقَاسِمِ الْعَبْدُوسِيِّ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَالْقُرْطُبِيِّ فِي التَّذْكِرَةِ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ يَنْتَفِعُ بِالْقِرَاءَةِ قُرِئَتْ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ فِي الْبَيْتِ أَوْ فِي بِلَادٍ إلَى بِلَادٍ وَوُهِبَ الثَّوَابُ اهـ مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ الشَّاطِّ وَمَا قَالَهُ فِي هَذَا الْفَرْقِ صَحِيحٌ نَعَمْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ مَنْ أَرَادَ وُصُولَ قِرَاءَتِهِ بِلَا خِلَافٍ فَلْيَجْعَلْ ذَلِكَ دُعَاءً بِأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا أَقْرَأُ إلَى فُلَانٍ اهـ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الرَّهُونِيِّ وَكَنُونٍ قَالَ الرَّهُونِيُّ وَالتَّهْلِيلُ الَّذِي قَالَ فِيهِ الْقَرَافِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ هُوَ فِدْيَةُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ سَبْعِينَ أَلْفِ مَرَّةٍ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ السَّنُوسِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا الَّذِي فَهِمَهُ مِنْهُ الْأَئِمَّةُ اُنْظُرْ الْحَطَّابَ هُنَا أَيْ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ وَمُصْطَفَى الرَّمَاصِيَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ مِنْ التَّهْلِيلِ عِنْدَ حَمْلِ الْمَيِّتِ وَتَوَجُّهِهِمْ بِهِ إلَى الدَّفْنِ فَجَزَمَ فِي الْمِعْيَارِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي عَقَدَهُ فِي الْبِدَعِ قُبَيْلَ نَوَازِلِ النِّكَاحِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ وَنُقِلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ الْمِعْيَارِ مِنْ كَلَامِ شَيْخِ الشُّيُوخِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ لُبٍّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدُوسِيِّ مَا هُوَ شَاهِدٌ لِمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ وَانْظُرْ تَقْيِيدَهُ الْمُسَمَّى بِالتَّحَصُّنِ وَالْمَنَعَةِ مِمَّنْ اعْتَقَدَ أَنَّ السُّنَّةَ بِدْعَةٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ.

(فَائِدَةٌ)

قَالَ الرَّهُونِيُّ وَكَنُونٌ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْإِمَامِ الْمَنْثُورِيِّ مَا نَصُّهُ حَدَّثَنِي الْأُسْتَاذُ ابْنُ عُمَرَ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ الْقُرْطُبِيِّ عَنْ الرَّاوِيَةِ أَبِي عَمْرِ بْنِ حَوْطِ اللَّهِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ بَشْكُوَالَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ يَرْبُوعٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْخَزْرَجِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَوِيُّ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِقُرْطُبَةَ قَالَ كُنْت بِمِصْرَ فَأَتَانِي نَعْيُ أَبِي فَوَجَدْت عَلَيْهِ وَجْدًا شَدِيدًا فَبَلَغَ ذَلِكَ الشَّيْخَ أَبَا الطَّيِّبِ بْنَ غَلْبُونٍ الْمُقْرِي فَوَجَّهَ لِي فَأَتَيْته فَجَعَلَ يُصَبِّرُنِي وَيَذْكُرُ ثَوَابَ الصَّبْرِ عَنْ الْمُصِيبَةِ وَالرَّزِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ لِي ارْجِعْ إلَى مَا هُوَ أَعْوَدُ عَلَيْك وَعَلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَفْعَالِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ مِثْلُ الصَّدَقَةِ وَمَا شَاكَلَهَا وَأَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَنْهُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] عَشْرَ مَرَّاتٍ كُلَّ لَيْلَةٍ.

ثُمَّ قَالَ لِي أُحَدِّثُك فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ بِالْخَيْرِ وَالْفَضْلِ فَرَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّهُ فِي مَقْبَرَةِ مِصْرَ وَكَأَنَّ النَّاسَ نُشِرُوا مِنْ مَقَابِرِهِمْ وَكَأَنَّهُ مَشَى خَلْفَهُمْ لِيَسْأَلَهُمْ عَمَّا أَوْجَبَ نُهُوضَهُمْ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَوَجَّهُوا إلَيْهَا فَوَجَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>