للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَدًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: أَنَّ كَلِمَةَ الْيَوْمَ حِنْثٌ وَغَدًا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِكَلَامِ غَدٍ بَعْدَ إنْ كَانَتْ الْيَوْمَ زَوْجَةً يَقْتَضِي اجْتِمَاعَ الْعِصْمَةِ وَعَدَمَهَا فَإِذَا كَلَّمَهُ الْيَوْمَ اجْتَمَعَ الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ فِي ظَرْفٍ وَاحِدٍ فَيُمْكِنُ تَرَتُّبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ إنْ كَلَّمَهُ غَدًا وَيُقَدَّرُ تَقَدُّمُ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ عَدَمِهِ فَيُمْكِنُ تَرَتُّبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخِرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَإِنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْغَدِ طَلُقَتْ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تَطْلُقْ لِفَوَاتِ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَيَقْدَمُ نِصْفَ النَّهَارِ تَطْلُقُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْقُدُومَ فَهُوَ تَقْدِيمُ الْحُكْمِ عَلَى شَرْطِهِ أَوْ الْيَوْمَ فَلَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافُ أَصْلِ مَالِكٍ بَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْتِ فُلَانًا غَدًا كَمَا تَقَدَّمَ قُلْت: وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَشْهُورَ اللُّزُومُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ الثَّانِي أَنَّهَا تَطْلُقُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ كَمَا تَقَدَّمَ النَّقْلُ فِي الْجَوَاهِرِ فَيَتَقَدَّمُ الطَّلَاقُ عَلَى لَفْظِ التَّعْلِيقِ وَعَلَى الشَّرْطِ مَعًا هَذِهِ نُصُوصُ مَذْهَبِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ لَهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بِالْأَمْسِ وَقَالَ: قَصَدْت إيقَاعَ الطَّلَاقِ بِالْأَمْسِ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يَقَعُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ وُقُوعَهُ بِالْأَمْسِ يَقْتَضِي وُقُوعَهُ فِي الْحَالِ فَيَسْقُطُ الْمُتَعَذِّرُ وَيَثْبُتُ الْحَالُ وَقِيلَ: لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ.

وَإِنْ قَالَ: إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ إنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ لِئَلَّا يَتَقَدَّمَ الْحُكْمُ عَلَى اللَّفْظِ أَوْ بَعْدَ شَهْرٍ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَلْزَمُ الطَّلَاقُ فِي الْمَوْتِ دُونَ الدُّخُولِ وَالْقُدُومِ قَالَ: وَهُوَ تَحَكُّمٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمُهَذَّبِ إذَا قَالَ: إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِهِ بِشَهْرٍ ثُمَّ خَالَعَهَا ثُمَّ قَدِمَ زَيْدٌ بَطَلَ الْخُلْعُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّهُمْ أَرْدَفُوا ذَلِكَ بِأَنْ قَالُوا إذَا قَالَ: لَهَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِهِ بِسَنَةٍ فَقَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي عِنْدَ حُصُولِ الشَّرْطِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْ سَنَةٍ كَمَا لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ سَنَةٍ فَإِنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً وَيَقْتَضِي قَوْلُهُمْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا كَانَ يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ بِمَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى زَعْمِهِمْ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا مَعَ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّهَا زَوْجَةٌ مُسْتَقِرَّةُ الْعِصْمَةِ مُبَاحَةُ الْوَطْءِ إلَى حِينِ قُدُومِ زَيْدٍ.

وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَ لِي بِهِ أَعْيَانُهُمْ وَمَشَايِخُهُمْ الْمُعَاصِرُونَ فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قُلْت: وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْقُدُومِ الَّذِي جُعِلَ شَرْطًا وَعَلَى لَفْظِ التَّعْلِيقِ وَزَمَانِهِ وَقَوْلُهُمْ حُكْمُ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ وَقِيَاسُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

غَدًا إلَى قَوْلِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَرَّحَ لِي بِهِ أَعْيَانُهُمْ وَمَشَايِخُهُمْ الْمُعَاصِرُونَ فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) .

قُلْتُ: جَمِيعُ ذَلِكَ نَقْلٌ لَا كَلَامَ فِيهِ قَالَ: (قُلْتُ: وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْقُدُومِ الَّذِي جُعِلَ شَرْطًا وَعَلَى لَفْظِ التَّعْلِيقِ فِي زَمَانِهِ وَقَوْلُهُمْ حُكْمُ اللَّفْظِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ وَقِيَاسُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ السِّتَّةِ فَتَصِيرُ السِّتَّةُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَذَلِكَ هُوَ جَمِيعُ مَا يُتَصَوَّرُ فِي الْوُجُودِ لِلْوُضُوءِ مِنْ الصُّوَرِ الْمُهِمِّ الثَّانِي سَأَلَ الشَّيْخُ عُثْمَانُ الرَّاضِي الْمَكِّيُّ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْأُسْكُوبِيُّ الْمَدَنِيُّ بِقَوْلِهِ:

يَا إمَامًا لِلْعِلْمِ وَالتَّدْرِيسِ ... وَهُمَامًا قَدْ جَلَّ عَنْ تَقْيِيسِ

ذَا الْعُلَا إبْرَاهِيمَ الْأُسْكُوبِيِّ أَوْلَى ... مَنْ يُرْجَى لِكَشْفِ خَطْبِ عُمَيْسِ

الْبَدِيعَ النَّفِيسَ وَالْمَاهِرَ الْمُبْدِعَ ... فِي صَنْعَةِ الْبَدِيعِ النَّفِيسِ

طِبْت غَرْسًا فِي رَوْضَةٍ هِيَ طَابَتْ ... مِنْ حِمَى طِيبَةِ الْمَنِيعِ الْأَنِيسِ

أَنْتَ شَمْسٌ تُضِيءُ فِي كُلِّ عِلْمٍ ... بِك تُجْلَى غَيَاهِبُ التَّلْبِيسِ

حُزْت كُلَّ الْعُلُومِ كَسْبًا وَوَهْبًا ... وَأَجَدْت الْفُنُونَ عَنْ تَأْسِيسِ

لَك فَهْمٌ لَا يَعْتَرِيهِ سَقَامٌ ... وَذَكَاءٌ يَدْرِي بِمَا فِي النُّفُوسِ

مَا يَقُولُ الْإِمَامُ فِي بَيْتَيْ الْحِلِّي ... الصَّفِيِّ الْمُحْكَمَيْنِ بِالتَّجْنِيسِ

وَعُدْت فِي الْخَمِيسِ وَصْلًا وَلَكِنْ ... شَاهَدْت حَوْلَنَا الْعِدَا كَالْخَمِيسِ

أَخْلَفْت فِي الْخَمِيسِ وَعْدِي وَجَاءَتْ ... بَعْدَ مَا قَبْلَ بَعْدَ يَوْمِ الْخَمِيسِ

أَيُّ يَوْمٍ جَاءَتْهُ مِنْ بَعْدِ خُلْفٍ ... فَأَبِينُوا الْمَعْقُولَ بِالْمَحْسُوسِ

فَلَقَدْ جُلْتُ فِيهِمَا سَيِّدِي مَعَ ... أَحْمَدَ الشَّهْمِ يَا فَقِيهَ الرَّئِيسِ

وَاضْطَرَبْنَا فِي فَهْمِ مَعْنَاهُمَا حَتَّى ... ضَرَبْنَا التَّخْمِيسَ فِي التَّسْدِيسِ

ثُمَّ دُرْنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الدُّورِ ... فَتُهْنَا عَنْ يَوْمِهَا الْمَرْمُوسِ

وَاخْتَلَفْنَا وَمَا اتَّفَقْنَا بِرَأْيٍ ... وَأَقَمْنَا فِي ذَاكَ حَرْبَ الْبَسُوسِ

فَارْتَضَيْنَاك آخِرَ الْأَمْرِ فِينَا ... حَكَمًا إذْ لَا عِطْرَ بَعْدَ عَرُوسِ

ثُمَّ بَعْضُ الثِّقَاتِ فِي الْفَنِّ يَرْوِي ... وَهُوَ فِيمَا أَظُنُّ عَنْ تَهْجِيسِ

قَبْلَ مَا بَعْدَ قَبْلَ يَوْمِ الْخَمِيسِ ... هَكَذَا رَاحَ مُثْبَتًا فِي الطُّرُوسِ

وَهُوَ عِنْدِي لَا يُطَابِقُ مَعْنَى ... مَا أَرَادَ الصَّفِيُّ بَعْدَ الْخَمِيسِ

فَتَأَمَّلْ فِي ذَا وَذَا غَيْرَ مَأْمُورٍ ... وَحَقِّقْ وُقِيتَ هَمَّ الْعُكُوسِ

وَأَبِنْ لِي هَلْ ذَا صَحِيحٌ وَإِلَّا ... بَاطِلٌ أَوْ كِلَاهُمَا بِنَفِيسِ

وَابْقَ وَأَسْلَمْ فِي يُمْنِ حَظٍّ وَأَمْنٍ ... يَا إمَامًا لِلْعِلْمِ وَالتَّدْرِيسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>