للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْعُ الْفُضُولِ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ مُقْتَضَى مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ شَرْطٌ فِي الشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ وَيُوجِبُ عَلَى نَفْسِهِ تَحْصِيلَ ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ نَزَلَ ذَلِكَ فَلِرَبِّهَا إمْضَاءُ الْبَيْعِ كَمَنْ غَصَبَ سِلْعَةً وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِالْغَصْبِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ ذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْفَسَادِ وَالْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قُلْت فَظَاهِرُ هَذَا النَّقْلِ يَقْتَضِي أَنَّ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِعَدَمِ الْمِلْكِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الْإِمْضَاءَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ احْتَجَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا بَيْعَ وَلَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» ؛ وَلِأَنَّ وُجُودَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَالْعَصَافِيرِ جُزَافًا إذَا ذُبِحَتْ؛ لِأَنَّ الْحَيَّةَ يَدْخُلُ بَعْضُهَا تَحْتَ بَعْضٍ وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ يُقْصَدُ كَثْرَتُهُ وَقِلَّتُهُ وَالْمُحَصِّلُ لَهُمَا الْحَزْرُ وَمَا يُقْصَدُ آحَادُ جِنْسِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا كَالثِّيَابِ فَإِنَّ الْغَرَضَ يَتَعَلَّقُ بِثَوْبٍ دُونَ ثَوْبٍ وَلَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِقَمْحَةٍ دُونَ قَمْحَةٍ، بَلْ الْمَطْلُوبُ الْجِنْسُ وَالْمِقْدَارُ دُونَ الْآحَادِ بِخُصُوصِيَّاتِهَا اهـ.

وَإِنْ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى كَلَامِهِ نَعَمْ يَخْتَصُّ جَوَازُ بَيْعِ الْمَعْدُودِ، وَكَذَا صِحَّتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ عبق وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُ بِشَرْطَيْنِ ذَكَرَهُمَا خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَمْ تَقْصِدْ إفْرَادَهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ اهـ.

قَالَ عبق مَنْطُوقُ قَوْلِهِ وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ اهـ. قَالَ الْبُنَانِيُّ جَرَى عَلَى قَوْلِهِمْ:

قَاعِدَةُ النَّفِيَّيْنِ إنْ تَكَرَّرَا ... حَذَفَهُمَا مَنْطُوقُ قَوْلٍ قَدْ جَرَى

وَحَذْفُ وَاحِدٍ فَقَطْ مَفْهُومٌ ... فَافْهَمْ فَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَعْلُومُ

لَكِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ لَيْسَتْ عَلَى إطْلَاقِهَا، بَلْ هِيَ مَقْصُورَةٌ عَلَى سَلْبِ السَّلْبِ نَحْوِ لَيْسَ زَيْدٌ لَيْسَ هُوَ بِعَالِمٍ، وَلَيْسَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ إلَّا مِنْ قَبِيلِ السَّالِبَةِ الْمَعْدُولَةِ وَهِيَ الَّتِي جُعِلَ فِيهَا السَّلْبُ جُزْأَهُ مِنْ مَدْخُولِهَا، وَقَدْ صَرَّحُوا أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي وُجُودًا لِمَوْضُوعٍ فَمَنْطُوقُهَا أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ لِصِدْقِهِ بِهِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُعَدُّ أَصْلًا وَهُوَ صَحِيحٌ اهـ.

ثُمَّ قَالَ قَالَ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ بُيُوعِ ابْنِ جَمَاعَةَ مَا نَصُّهُ قَيَّدُوا الْجَوَازَ فِي الْمَعْدُودِ بِمَا تَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ فِي عَدِّهِ لِكَثْرَتِهِ وَتَسَاوِي أَفْرَادِهِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ أَوْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مَبْلَغَهُ لَا آحَادَهُ كَالْبِطِّيخِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجُزَافُ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ آحَادُهُ وَالنُّصُوصُ بِذَلِكَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ اهـ.

وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ مَا نَصُّهُ قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يُبَاعُ الْجَوْزُ جُزَافًا إذَا بَاعَهُ، وَقَدْ عَرَفَ عَدَدَهُ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ الْقِثَّاءُ جُزَافًا؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ وَيَكُونُ الْعَدْلُ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ عَدَدٍ أَكْبَرَ مِنْ الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ عَدَدًا اهـ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْرِفَةُ عَدَدِ الْقِثَّاءِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ جُزَافًا إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ وَزْنِهِ بِمَعْرِفَةِ عَدَدِهِ لِاخْتِلَافِهِ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ بِخِلَافِ الْجَوْزِ الَّذِي يَقْرُبُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَهَذَا أَهْوَنُ.

قَالَ: وَعَلَى ظَاهِرِ ابْنِ بَشِيرٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ فَلَهُ جُمْلَةُ ثَمَنِهِ لَا قِلَّةُ ثَمَنِ تَفَاوُتِ الْأَفْرَادِ فِيمَا بَيْنَهَا وَنَصُّهُ الْمَعْدُودَاتُ إنْ قَلَّتْ جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا اهـ. وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِعَدَدِهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ جُزَافًا إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ هَذَا النَّوْعِ فَقَدْ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ جُزَافًا اهـ.

قُلْت، بَلْ مَآلُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا أَجَازَ إلَخْ يَرْجِعُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَابِ بَيْعِ الْمَعْدُودِ جُزَافًا بِزِيَادَةِ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا يُبَاعُ جُزَافًا مِنْ الْمَعْدُودِ إمَّا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقْصَدَ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا فَمَتَى عُدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَمَتَى عُدَّ بِمَشَقَّةٍ فَإِنْ لَمْ نَقْصِدْ أَفْرَادَهُ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَإِنْ قُصِدَتْ جَازَ جُزَافًا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا وَمُنِعَ إنْ لَمْ يَقِلَّ فَالْمَنْعُ فِي خَمْسَةٍ وَالْجَوَازُ فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا فِي عبق وَشُرُوطُ الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ مَعًا فِي الْمَبِيعِ جُزَافًا مُطْلَقًا مَعْدُودًا كَانَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا سَبْعَةٌ وَافَقَ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ الْأَصْلُ فِي ثَلَاثَةٍ وَوَافَقَهُ عبق فِي الرَّابِعِ وَزَادَ الْأَصْلُ عَلَيْهِمَا الْخَامِسَ وَزَادَ خَلِيلٌ عَلَى الْأَصْلِ السَّادِسَ وَالسَّابِعَ

(الشَّرْطُ الْأَوَّلُ) الرُّؤْيَةُ لِمَبِيعِ الْجُزْءِ فِي حِينِ الْعَقْدِ كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَدِينَةِ.

وَاعْتَمَدَهُ الْحَطَّابُ وَحُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُ خَلِيلٍ إنْ رَأَى فَقَالَ مُرَادُهُمْ الْمَرْئِيُّ الْحَاضِرُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ضَيْح وَيَلْزَمُ مِنْ حُضُورِهِ رُؤْيَتُهُ أَوْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالصِّفَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا لِعُسْرِ الرُّؤْيَةِ كَقِلَالِ الْخَلِّ الْمَخْتُومَةِ إذَا كَانَ فِي فَتْحِهَا مَشَقَّةٌ وَفَسَادٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا دُونَ فَتْحٍ اهـ.

وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ مُعِينًا لِلْحِسِّ حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِظَاهِرِهِ عَلَى بَاطِنِهِ لَا مُطْلَقُ الرُّؤْيَةِ فَلَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ عَلَى الْعَقْدِ خِلَافًا لِمَا لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْوَاضِحَةِ نَعَمْ اخْتَلَفَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ الْقَائِمِ وَالثِّمَارِ فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ لَا عَلَى الْكَيْلِ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ غَيْرِ وَاحِدٍ قَوْلَ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ حَوَائِطُ الثَّمَرِ الْغَائِبَةِ يُبَاعُ ثَمَرُهَا كَيْلًا أَوْ جُزَافًا وَهِيَ عَلَى خَمْسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>