للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَتَاقَ لَا يَقْبَلَانِ الْخِيَارَ فَكَذَلِكَ لَا يَقْبَلَانِ الْإِيقَافَ وَالْبَيْعُ يَقْبَلُ الْخِيَارَ فَيَقْبَلُ الْإِيقَافَ

(فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) إذْ قُلْنَا إنَّ بَيْعَ الْفُضُولِ يَصِحُّ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَهَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ ابْتِدَاءً قَالَ الْقَاضِي فِي التَّنْبِيهَاتِ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ لِعَدِّهِ إيَّاهُ مَعَ مَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ لِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ.

وَقَالَ ذَلِكَ كَبَيْعِ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا وَبَيْعِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَبَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْجَوَازُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ يَحْرُمُ بَيْعُ السِّلَعِ أَيَّامَ الْخِيَارِ حَتَّى يَخْتَارَ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَضْمَنْ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَقَرَّرَ مِلْكُهُ عَلَيْهَا قَالَ وَمَعْنَى نَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَضْمَنْ بَيْعَ الْإِنْسَانِ لِمِلْكِ غَيْرِهِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْ مَالِكٍ وَالْأَبْهَرِيِّ بِالتَّحْرِيمِ وَيُجَابُ عَنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ بِأَنَّ حَالَةَ الصُّحْبَةِ أَوْجَبَتْ الْإِذْنَ بِلِسَانِ الْحَالِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْكَيْلِ أَيْ مَعَ عِلْمِهَا بِهِ يُشْعِرُ بِطَلَبِ الْمُغَابَنَةِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ عَلِمَ كَيْلَ طَعَامٍ فَلَا يَبِعْهُ جُزَافًا حَتَّى يُبَيِّنَهُ قَالَ الرَّهُونِيُّ إنَّمَا اُحْتُرِزَ بِهَذَا الشَّرْطِ عَنْ عِلْمِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِقَرِينَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَعْنَوِيَّةٌ وَهِيَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ كَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ فِي الصِّحَّةِ فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِرَازُ بِهِ عَنْ عِلْمِهَا مَعًا بِهِ حِينَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْبَيْعِ فِيهَا وَلَا وَجْهَ لَهُ حَتَّى عَلَى حَدِّ غَيْرِ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْجُزَافِ وَثَانِيهِمَا لَفْظِيَّةٌ وَهِيَ قَوْلُ خَلِيلٍ فِي مُحْتَرَزِهِ فَإِنْ عُلِمَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ بِعِلْمِ الْآخَرِ بِقُدْرَةٍ خُيِّرَ وَإِنْ أَعْلَمَهُ أَوَّلًا فَسَدَ كَالْمُغْنِيَةِ اهـ.

(الشَّرْطُ الثَّالِثُ) أَنْ يُعْتَادَ الْحَزْرُ فِي ذَلِكَ وَأَنْ يَحْذَرَا بِالْفِعْلِ فَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ أَوْ اعْتَادَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي اكْتِفَائِهِ بِالرُّؤْيَةِ فَإِنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تَنْفِي الْغَرَرَ فِي الْمِقْدَارِ نَعَمْ قَالَ عبق إنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُمَا فِي حَزْرِ قَدْرِ كَيْلِهِ وَوَكَّلَا مَنْ يَحْزِرُهُ بِالْفِعْلِ جَازَ كَذَا يَظْهَرُ اهـ. وَسَلَّمَهُ مَحْشُوَّهُ

(الشَّرْطُ الرَّابِعُ) عَدَمُ الْمُزَابَنَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَهِيَ بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ جِنْسِهِ كَبَيْعِ صُبْرَةٍ جِيرٍ أَوْ جِبْسٍ بِمَكِيلَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ

(الشَّرْطُ الْخَامِسُ) نَفْيُ مَا يُتَوَقَّعُ مَعَهُ الرِّبَا فَلَا يُبَاعُ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ جُزَافًا وَلَا طَعَامٌ بِطَعَامٍ مِنْ جِنْسِهِ جُزَافًا

(الشَّرْطُ السَّادِسُ) أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا لَا جِدًّا فَإِنْ كَثُرَ جِدًّا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَزْرُهُ أَوْ قَلَّ جِدًّا بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَدَدُهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا بِحَيْثُ يَسْهُلُ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ فَيَجُوزُ جُزَافًا؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ لَا تُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ جُزَافًا كَمَا تَقَدَّمَ

(الشَّرْطُ السَّابِعُ) أَنْ تَسْتَوِيَ أَرْضُهُ فَإِذَا عَلِمَا أَوَّلًا عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ فَسَدَ، وَإِذَا دَخَلَا عَلَى الِاسْتِوَاءِ فَظَهَرَ عَدَمُهُ فَالْخِيَارُ كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَالْمَوَّاقِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ وَسَلَّمَهُ الرَّهُونِيُّ وكنون وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا عِبَارَةٌ عَمَّا فَقَدَ وَاحِدًا مِنْ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَمِنْ الشُّرُوطِ التِّسْعَةِ مِنْ الْمَعْدُودِ فَتَحَقُّقُ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَعَدَمُ تَحَقُّقِهَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ قَالَ الْبُنَانِيّ أَحْوَالُ الزَّرْعِ خَمْسَةٌ قَائِمٌ وَغَيْرُ قَائِمٍ وَغَيْرُ الْقَائِمِ إمَّا قَتٌّ وَإِمَّا مَنْفُوشٌ وَإِمَّا فِي تِبْنٍ وَإِمَّا مُخَلَّصٌ وَالْمَبِيعُ إمَّا الْحَبُّ وَحْدَهُ وَإِمَّا السُّنْبُلُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ لِحَبٍّ وَحْدَهُ جَازَ جُزَافًا فِي الْمُخَلَّصِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لِلْحِسِّ حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِظَاهِرِهِ عَلَى بَاطِنِهِ فَيُمْكِنُ حَزْرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ السُّنْبُلَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا فِي الْقَتِّ وَالْقَائِمِ دُونَ الْمَنْفُوشِ وَمَا فِي تِبْنِهِ الْبَاجِيَّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرِد الْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا بِالشِّرَاءِ دُونَ السُّنْبُلِ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْبَيْعِ دُونَ قِشْرِهِ عَلَى الْجُزَافِ مَا دَامَ فِيهِ.

وَأَمَّا شِرَاءُ السُّنْبُلِ إذَا يَبِسَ وَلَمْ يَنْقَعْهُ الْمَاءَ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَّا اهـ.

نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي التَّدَاخُلِ وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوِهِ بَعْدَ إصْلَاحِهِ أَهُوَ فِي حَاشِيَةِ الرَّهُونِيِّ وَالْمَنْفُوشُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ هُوَ الْمَخْلُوطُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى سُنْبُلُهُ لِنَاحِيَةٍ كَمَا هُوَ مُحَقَّقٌ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ، وَمَنْ خَدَمَ الزَّرْعَ وَمَارَسَ خِدْمَتَهُ عُلِمَ أَنَّ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَقٌّ لَا مَرِيَّةَ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّرْعَ إذَا خُلِطَ فِي الْأَنْدَرِ وَهُوَ الْقَاعَةُ فِي لُغَتِنَا لَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ وَالْقَتُّ فِي لُغَتِنَا إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ فَإِذَا جُمِعَ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ فِي مَحَلِّهِ سُمِّيَ مَطًّا فَإِذَا جُعِلَ فِي الْقَاعَةِ سُمِّيَ نَادِرًا وَالْحَزْرُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْقَتِّ كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْهُ اهـ مِنْهُ مُلَخَّصًا بِلَفْظِهِ وَهُوَ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ فَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الصَّوَابَ جَوَازُ بَيْعِ الْقَمْحِ فِي أَنْدَرِهِ قَبْلَ دَرْسِهِ لِأَنَّهُ يُحْزَرُ وَيُرَى سُنْبُلُهُ وَيُعْرَفُ قَدْرُهُ قَالَ وَهُوَ نَقْلُ الْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ اهـ.

إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُرَى سُنْبُلُهُ وَهُوَ مَا كَانَ فُرْشَةً وَاحِدَةً أَوْ حُزَمًا أَوْ قَبْضًا بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُحْزَرُ إلَخْ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ أَيْضًا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عِيَاضٍ وَنَصُّهُ وَالْحَبُّ إذَا اخْتَلَطَ فِي أَنْدَرِهِ وَكَدَسِّ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ قَالَ عِيَاضٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ حُزَمًا أَوْ قَبْضًا يَأْخُذُهَا الْحَزْرُ فَقَوْلَانِ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُبَاعُ الْقَمْحُ فِي أَنْدَرِهِ بَعْدَ مَا يُحْصَدُ فِي تِبْنِهِ وَهُوَ غَرَرٌ ابْنِ رُشْدٍ يُرِيدُ فِي تِبْنِهِ بَعْدَ دَرْسِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ دَرْسِهِ فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْزَرُ وَيُرَى سُنْبُلُهُ وَيُعْرَفُ قَدْرُهُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ.

وَقَالَهُ التُّونُسِيُّ وَحَمْلُ غَيْرِ السَّمَاعِ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَهُوَ نَقْلُ الْجَلَّابُ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>