للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو حَنِيفَةَ بِمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَلَوْ كَانَ تُرَابًا؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْحَدِيثِ الْأَطْعِمَةُ مَكِيلَاتٌ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، وَكَذَا كُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ قَالَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ قَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ وَجَمَاعَةٌ الْعِلَّةُ كَوْنُهُ مُقْتَاتًا فَيَمْتَنِعُ الرِّبَا فِي الْمِلْحِ وَالْبَيْضِ دُونَ الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَاتُ وَهُوَ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَعَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الِادِّخَارُ مَعَ الِاقْتِيَاتِ فَلَا رِبَا فِي الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ كَاللَّوْزِ وَالْجَوْزِ وَلَا فِي الْبَيْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدَّخَرُ قَالَ: وَقَالَ الْبَاجِيَّ هُوَ أُجْرِيَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ الْعِلَّةَ الْأَكْلُ وَالِادِّخَارُ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَيَجْرِي الرِّبَا فِي الْفَوَاكِهِ الْيَابِسَةِ وَعَلَى هَذِهِ يَخْتَلِفُ فِيمَا يَقِلُّ ادِّخَارُهُ كَالْخَوْخِ وَالرُّمَّانِ فَأَجْرَى ابْنُ نَافِعٍ فِيهِ الرِّبَا نَظَرًا لِجِنْسِهِ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَعَلَى هَذِهِ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثِ فَلَا يَجْرِي الْخِلَافُ فِي التُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْكُمَّثْرَى وَالْخَوْخِ الرَّطْبِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي يَابِسِهَا وَلِأَصْحَابِنَا فِي الْمِلْحِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ مِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَهُ بِالِاقْتِيَاتِ وَصَلَاحِ الْقُوتِ فَأَلْحَقُوا بِهِ التَّوَابِلَ.

وَقِيلَ بِالْأَكْلِ وَالِادِّخَارِ، وَقِيلَ بِكَوْنِهِ إدَامًا فَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْفِلْفِلُ وَنَحْوُهُ، وَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ، وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ التَّعْلِيلُ بِالْمَالِيَّةِ، وَقِيلَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ مَعَ كَوْنِهِ غَالِبَ الْعَيْشِ وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَعْلُولُ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ مَجْمُوعُ الِاقْتِيَاتِ وَالِادِّخَارِ وَأَلْزَمَنَا الشَّافِعِيَّةَ عَلَى تَعْلِيلِ الْمِلْحِ بِإِصْلَاحِ الْأَقْوَاتِ جَرَيَانُ الرِّبَا فِي الْأَقَاوِيَّةِ، وَالْأَحْطَابِ وَالنِّيرَانِ؛ لِأَنَّهَا مُصْلِحَةٌ لِلْأَقْوَاتِ وَجَوَابُهُ أَنَّا لَا نَقْتَصِرُ عَلَى مُطْلَقِ الْإِصْلَاحِ، بَلْ نَقُولُ هُوَ قُوتٌ مُصْلِحٌ وَهَذِهِ لَيْسَتْ قُوتًا وَنَلْزَمُ الرِّبَا فِي الْأَقَاوِيَّةِ فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ مَذْهَبًا مِنْهَا عَشَرَةٌ فِي عِلَّةِ الرِّبَا مَنْعُ الرِّبَا مُطْلَقًا إلَّا فِي النَّسَاءِ مَنَعَهُ فِي النَّسَاءِ مَعَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَهَذَانِ مَذْهَبَانِ لَا تَعْلِيلَ فِيهِمَا وَالْعَشَرَةُ فِي التَّعْلِيلِ هِيَ تَعْلِيلُهُ بِالْجِنْسِ تَعْلِيلُهُ بِكَوْنِهِ زَكَوِيًّا تَعْلِيلُهُ بِكَوْنِهِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا تَعْلِيلُهُ بِكَوْنِهِ مَكِيلًا تَعْلِيلُهُ بِكَوْنِهِ مَطْعُومًا تَعْلِيلُهُ بِكَوْنِهِ مُقْتَاتًا تَعْلِيلُهُ بِكَوْنِهِ مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا تَعْلِيلُهُ بِالْأَكْلِ وَالِادِّخَارِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ تَعْلِيلُهُ بِالْمَالِيَّةِ تَعْلِيلُهُ بِالِاقْتِيَاتِ وَالِادِّخَارِ مَعَ الْغَلَبَةِ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ عَلَّلَ الْبُرَّ بِالْقُوتِ غَالِبًا وَالشَّعِيرَ بِالْقُوتِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالتَّمْرَ بِالتَّفَكُّهِ غَالِبًا وَالْمِلْحَ بِإِصْلَاحِ الْقُوتِ فَيَحْصُلُ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ هَلْ الْعِلَّةُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدَةٌ أَوْ مُتَعَدِّدَةٌ، وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ أَيْضًا هَلْ اتِّحَادُ الْجِنْسِ جُزْءُ عِلَّةٍ لِلتَّوَقُّفِ عَلَيْهِ أَوْ شَرْطٌ فِي اعْتِبَارِ الْعِلَّةِ لِعُرُوِّهِ عَنْ الْمُنَاسَبَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

هَذَا شَبَهٌ فِي مَقْصِدٍ لَمْ نَطَّلِعْ أَنَّهُ يُنَاسِبُ مَنْعَ الرِّبَا فَافْهَمْ هَذَا تَوْضِيحُ خِلَافِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ النَّهْيَ الْمُتَعَلِّقَ بِأَعْيَانِ هَذِهِ السِّتَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ الْخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ الْعَامُّ.

وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ النَّهْيَ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا مِنْ بَابِ الْخَاصِّ أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ وَقَصَرُوا الرِّبَا عَلَى السِّتَّةِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْقَوَاعِدِ هُمْ إمَّا مُنْكِرُو الْقِيَاسِ أَيْ اسْتِنْبَاطِ الْعِلَلِ مِنْ الْأَلْفَاظِ وَهُمْ الظَّاهِرِيَّةُ أَوْ مُنْكِرُو قِيَاسِ الشَّبَهِ خَاصَّةً وَإِنَّ الْقِيَاسَ فِي هَذَا الْبَابِ شَبَهٌ فَلَمْ يَقُولُوا بِهِ وَهُوَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ فَلَا جَرَمَ لَمْ يُلْحَقْ بِمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ إلَّا الزَّبِيبُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ قِيَاسٍ لَا فَارِقٍ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَعْنَى وَهُوَ نَوْعٌ آخَرُ غَيْرُ قِيَاسَيْ الشَّبَهِ وَالْعِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ إلْحَاقِ الذُّكُورِ بِالْإِنَاثِ مِنْ الرَّقِيقِ فِي تَشْطِيرٍ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] لَمْ يَتَنَاوَلْ الذُّكُورَ فَأُلْحِقُوا بِهِنَّ لِعَدَمِ الْفَارِقِ خَاصَّةً لَا لِحُصُولِ الْجَامِعِ، وَكَذَلِكَ أُلْحِقَ بِالْعَبْدِ الْأَمَةُ فِي التَّقْوِيمِ فِي الْعِتْقِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ» إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَجْرِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ قِيَاسَ الْمَعْنَى إلَّا بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ دُونَ بَقِيَّةِ السِّتَّةِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا فِيهِ الرِّبَا وَقَاعِدَةِ مَا لَا رِبَا فِيهِ وَحِكَايَةُ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ وَمَدَارِكُهَا وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الْبِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لِيَحْصُلَ الِاطِّلَاعُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(الْفَرْقُ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَقَاعِدَةِ تَعَدُّدِهِ فِي بَابِ رِبَا الْفَضْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ تَعَدُّدِهِ)

وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ

(الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) أَنَّ مَقْصُودَ الشَّارِعِ مِنْ الدُّنْيَا أَنْ تَكُونَ مَزْرَعَةَ الْآخِرَةِ وَمَطِيَّةَ السَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَمَعْزُولٌ عَنْ مَقْصِدِ الشَّارِعِ فِي الشَّرَائِعِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ إلَّا مَا هُوَ عِمَادُ الْأَقْوَاتِ وَحَافِظُ قَانُونِ الْحَيَاةِ وَمُقِيمُ بِنْيَةِ الْأَشْبَاحِ الَّتِي هِيَ مَرَاكِبُ الْأَرْوَاحِ إلَى دَارِ الْقَرَارِ وَيُلْغَى فِي نَظَرِهِ تَفَاوُتُ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ دَاعِيَةُ السَّرَفِ وَلَا يُقْصَدُ إلَّا لِلتَّرَفِ فَلَوْ رَتَّبَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ أَحْكَامَهُ لَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلَ اعْتِبَارِهِ وَمُنَبِّهًا عَلَى رِفْعَةِ قَدْرِهِ وَمَنَارِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ وَالْقَانُونِ الْحُكْمِيِّ فَفُرُوعُ بَابِ اتِّحَادِ الْأَجْنَاسِ وَاخْتِلَافُهَا وَإِنْ كَثُرَتْ وَانْتَشَرَتْ كُلُّهَا رَاجِعَةٌ إلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَعَلَيْهَا بَنَى تِلْكَ الْفُرُوعَ الْعُلَمَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (فَمِنْ تِلْكَ الْفُرُوعِ) أَنَّ السُّلْتَ وَالشَّعِيرَ عِنْدَ مَالِكٍ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً إلَّا أَنَّهُمَا اتَّفَقَا فِي الْمَنَافِعِ وَالْمُتَّفِقَةُ الْمَنَافِعِ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ (وَمِنْهَا) أَنَّ قَوْمًا ذَهَبُوا إلَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>