للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلَامُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ عَزِيزٌ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَظُنُّونَ بِهَذَا الْقِيَاسِ أَنَّهُ قَطْعِيٌّ وَأَنَّهُ يَقْتَضِي الْجَوَازَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَيَحْكُونَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا الْبَحْثِ انْعِكَاسُهُ عَلَيْهِمْ وَظَهَرَ أَنَّهُ غَرَرٌ لَا أَنَّهُ أَنْفَى لِلْغَرَرِ أَوْجَدُ لِلْغَرَرِ، ثُمَّ نَقُولُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي السَّلَمِ فَلَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ كَالثَّمَنِ

. (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) فِي الشَّرْطِ الثَّانِي عَشَرَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا يَنْقَطِعُ فِي بَعْضِ الْأَجَلِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاشْتَرَطَ اسْتِمْرَارَ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْقَبْضِ مُحْتَجًّا بِوُجُودِهِ

(الْأَوَّلُ) احْتِمَالُ مَوْتِ الْبَائِعِ فَيُحْمَلُ السَّلَمُ بِمَوْتِهِ فَلَا يُوجَدُ الْمُسْلَمُ فِيهِ

(الثَّانِي) إذَا كَانَ مُعْدَمًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُعْدَمًا عِنْدَهُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ، فَيَكُونُ غَرَرًا فَيَمْتَنِعُ إجْمَاعًا

، (الثَّالِثُ) أَنَّهُ مَعْدُومٌ، وَعِنْدَ الْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ فِي الْمَعْدُومِ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ إذَا كَانَ مَعْدُومًا

(الرَّابِعُ) أَنَّ الْمَعْدُومَ أَبْلَغُ فِي الْجَهَالَةِ فَيَبْطُلُ قِيَاسًا عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ الْمَوْجُودَ لَهُ ثُبُوتٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ هُوَ نَفْيٌ مَحْضٌ

(الْخَامِسُ) أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ مِنْ انْتِهَائِهَا بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَمُنَافَاةِ اشْتِرَاطِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ فِيهِ وَهُوَ الْمُتْعَةُ فَيُنَافِي التَّحْدِيدَ أَوَّلَهُ دُونَ آخِرِهِ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا مَعَ شُرُوطٍ كَثِيرَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَعْدُ، فَكُلَّمَا يُنَافِي أَوَّلَهُ يُنَافِي آخِرَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَالْعَدَمُ يُنَافِي آخِرَ الْأَجَلِ فَيُنَافِي أَوَّلَ الْعَقْدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ لَكَانَ الْأَجَلُ فِي السَّلَمِ مَجْهُولًا لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ كُلِّ سَلَمٍ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ، بَلْ الْأَصْلُ عَدَمُ تَغَيُّرِ مَا كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ بَقَاءُ الْإِنْسَانِ إلَى حِينِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ وَقَفَتْ التَّرِكَةُ إلَى الْإِبَّانِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ، وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ مُعَارَضٌ بِالْغَالِبِ فَإِنَّ الْغَالِبَ وُجُودُ الْأَعْيَانِ فِي إبَّانِهَا، وَعَنْ الثَّالِثِ أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى الْعَدَمِ فِي السَّلَمِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْغَائِبِ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى ادِّعَاءِ وُجُودِهِ، بَلْ نَجْعَلُهُ سَلَمًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِكَابِ الْغَرَرِ لِلْحَاجَةِ ارْتِكَابُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الشَّارِعِ مِنْ الرِّفْقِ فِي السَّلَمِ إلَّا مَعَ الْعَدَمِ وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ السَّلَمِ، وَعَنْ الرَّابِعُ أَنَّ الْمَالِيَّةَ مُنْضَبِطَةٌ مَعَ الْعَدَمِ بِالصِّفَاتِ وَهِيَ مَقْصُودُ عُقُودِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ الْجَهَالَةِ، ثُمَّ يُنْتَقَضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِالْإِجَارَةِ تَمْنَعُهَا الْجَهَالَةُ دُونَ الْعَدَمِ، وَعَنْ الْخَامِسِ إنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لَكِنْ آكَدُ مِنْ اسْتِمْرَارِ آثَارِهَا وَنَظِيرُهُ هَا هُنَا بَعْضُ الْقَبْضِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ الْعَقْدِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ، وَعَدَمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مَعَ وُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ لَا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

عَلَى التَّسْلِيمِ إنَّمَا تُطْلَبُ فِي وَقْتٍ اقْتِضَائِهِ أَمَّا مَا لَا يَقْتَضِيهِ فَيَسْتَوِي فِيهِ قَبْلَ الْأَجَلِ لِتَوَقُّعِ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ لِتَعَذُّرِ الْوُجُودِ فَيَتَأَخَّرُ الْقَبْضُ فَكَمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مُلْغًى إجْمَاعًا فَكَذَلِكَ الْآخَرُ وَقِيَاسًا عَلَى بُيُوعِ الْآجَالِ قَبْلَ مَحَلِّهَا اهـ. بِتَصَرُّفٍ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ.

(الشَّرْطُ الثَّانِي عَشَرَ) أَنْ يَكُونَ مَأْمُونَ التَّسْلِيمِ عِنْدَ الْأَجَلِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ فَلَا يُسْلَمُ فِي الْبُسْتَانِ الصَّغِيرِ (لَا يُقَالُ) يُغْنِي عَنْ هَذَا الشَّرْطِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ الشَّخْصُ إذَا اشْتَرَى ثَمَرَ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ السَّلَمِ اُشْتُرِطَ فِيهِ سِتَّةُ شُرُوطٍ

(أَحَدُهَا) الْإِزْهَاءُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَهُ وَالزَّهْوُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ

(وَثَانِيهَا) سَعَةُ الْحَائِطِ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَانْتِفَاءِ الْغَرَرِ

(وَثَالِثُهَا) كَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ مُتَوَالِيًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ لَا مَا شَاءَ

(وَرَابِعُهَا) أَنْ يُسْلَمَ لِمَالِكِهِ إذْ قَدْ لَا يُجِيزُ بَيْعَهُ الْمَالِكُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ

(وَخَامِسُهَا) شُرُوعُهُ فِي الْأَخْذِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ نَحْوِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا أَكْثَرَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَلْزِمَ أَجَلُ الشُّرُوعِ صَيْرُورَتَهُ تَمْرًا وَإِلَّا فَسَدَ

(وَسَادِسُهَا) أَنْ يُشْتَرَطَ أَخْذُهُ لِكُلِّ مَا اشْتَرَاهُ حَالَ كَوْنِهِ بُسْرًا أَوْ رَطْبًا وَيَأْخُذُهُ بِالْفِعْلِ كَذَلِكَ فَيَفْسُدُ إنْ شَرَطَ تَتَمُّرَ الرُّطَبِ وَأَبْقَاهُ بِالْفِعْلِ عَلَى أُصُولِهِ حَتَّى يَتَتَمَّرَ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ التَّمْرِ فَيَدْخُلُهُ الْخَطَرُ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا عَدَا كَيْفِيَّةَ قَبْضِهِ مِنْ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَالْبَنَّانِيِّ وَسَلَّمَهُ الرَّهُونِيُّ وكنون؛ لِأَنَّا نَقُولُ التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ لَمَّا لَمْ تَكُنْ نَظَرًا لِحَقِيقَةِ السَّلَمِ، بَلْ كَانَتْ نَظَرًا لِلَفْظِهِ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى كُلِّ بَيْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الْحَائِطَ مُعَيَّنٌ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَحَقِيقَةُ السَّلَمِ لَا تَكُونُ فِي مُعَيَّنٍ كَمَا سَيَأْتِي لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ الَّذِي بَعْدَ هَذَا مُغْنِيًا عَنْهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى هَذَا لَيْسَ شَرْطًا خَاصًّا بِلَفْظِ السَّلَمِ وَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ وَشَرْطُ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِلَفْظِ السَّلَمِ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ حَالًا مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الْعَدَوِيِّ عَلَى الْخَرَشِيِّ فَافْهَمْ

(الشَّرْطُ الثَّالِثَ عَشَرَ) أَنْ يَكُونَ أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُسْلَمُ فِي مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي مُعَيَّنٍ بِتَأَخُّرِ قَبْضِهِ فَهُوَ غَرَرٌ قَالَ الْعَدَوِيُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>