للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ الْقَسَمُ وَلَوْ أَقْسَمَ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِذَا كَانَ الْبَابَانِ مُخْتَلِفَيْنِ لَا يَعُمُّ الْحُكْمُ.

(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ) مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبَةُ النُّفُوذِ فَلِذَلِكَ كُلُّ عَدَمٍ مُمْكِنٍ يُعْلَمُ وُقُوعُهُ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَهُ وَكُلُّ وُجُودٍ مُمْكِنٍ يُعْلَمُ وُقُوعُهُ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَهُ فَتَكُونُ مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى مَعْلُومَةً قَطْعًا وَأَمَّا مَشِيئَةُ غَيْرِهِ فَلَا تُعْلَمُ غَايَتُهُ أَنْ يُخْبِرَنَا وَخَبَرُهُ إنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ فَظَهَرَ بُطْلَانُ مَا يُرْوَى عَنْ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ عَلَى مَشِيئَةِ الْبَشَرِ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ سَبَبَ عَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ.

(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ) الشَّرْطُ وَجَوَابُهُ لَا يَتَعَلَّقَانِ إلَّا بِمَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ فَإِذَا قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ يُحْمَلُ عَلَى دُخُولٍ مُسْتَقْبَلٍ وَطَلَاقٍ لَمْ يَقَعْ قَبْلَ التَّعْلِيقِ إجْمَاعًا وَالْمَشِيئَةُ قَدْ جُعِلَتْ شَرْطًا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَفْعُولٍ وَالتَّقْدِيرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَفْعُولُهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ فِي الْحَالِ أَوْ طَلَاقًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَنَحْنُ نَقْطَعُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَهُ فِي الْأَزَلِ فَقَدْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ فِي الْأَزَلِ وَهَذِهِ الشُّرُوطُ أَسْبَابٌ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا الْوُجُودُ فَيَلْزَمُ أَنْ تَطْلُقَ فِي أَوَّلِ أَزْمِنَةِ الْإِمْكَانِ وَقَبُولُ الْمَحَلِّ عِنْدَ أَوَّلِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ: (الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ مَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبَةُ النُّفُوذِ إلَى آخِرِ الْقَاعِدَةِ) قُلْتُ: مَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مِنْ كَوْنِ مَشِيئَةِ اللَّهِ مَعْلُومَةً قَطْعًا بِمَعْنَى أَنَّهُ مَا مِنْ وُجُودٍ مُمْكِنٍ وَلَا عَدَمِهِ إلَّا مُسْتَنِدٌ إلَى مَشِيئَتِهِ فَمَشِيئَتُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَعْلُومَةٌ عِنْدَنَا صَحِيحٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَا يُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ بَلْ مُرَادُ مَنْ قَالَ: ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ هَلْ أَرَادَ الطَّلَاقَ عَلَى التَّعْيِينِ أَمْ لَا وَلَيْسَ لَنَا طَرِيقٌ إلَى التَّوَصُّلِ إلَى ذَلِكَ وَأَمَّا التَّوَصُّلُ إلَى عِلْمِ مَشِيئَةِ الْبَشَرِ فَبِوُجُوهٍ مِنْهَا إخْبَارُهُ بِذَلِكَ مَعَ قَرَائِنَ تُوجِبُ حُصُولَ الْعِلْمِ وَقَوْلُهُ غَايَةُ خَبَرِهِ أَنْ يُفِيدَ الظَّنَّ إنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرَائِنِ مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: بِالِاكْتِفَاءِ هُنَا بِالظَّنِّ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَقَوْلُهُ إنَّ الْأَمْرَ بِعَكْسِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَوْلُهُ فَظَهَرَ بُطْلَانُ مَا يُرْوَى عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ بَاطِلٌ لَا خَفَاءَ بِبُطْلَانِهِ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ بُطْلَانِ قَوْلِهِ لَكَانَتْ مُخَالَفَتُهُ لِمَالِكٍ كَافِيَةً فِي سُوءِ الظَّنِّ بِقَوْلِهِ لِتَفَاوُتِ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْعِلْمِ

قَالَ: (الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ الشَّرْطُ وَجَوَابُهُ لَا يَتَعَلَّقَانِ إلَّا بِمَعْدُومٍ مُسْتَقْبَلٍ) قُلْتُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِمُطَّرِدٍ لَازِمٍ وَلَكِنَّهُ الْغَالِبُ وَالْأَكْثَرُ.

قَالَ: (فَإِذَا قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ يُحْمَلُ عَلَى دُخُولِ مُسْتَقْبَلٍ وَطَلَاقٍ لَمْ يَقَعْ قَبْلَ التَّعْلِيقِ إجْمَاعًا) قُلْتُ: ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبُ قَالَ: (وَالْمَشِيئَةُ قَدْ جُعِلَتْ شَرْطًا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَفْعُولٍ وَالتَّقْدِيرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَفْعُولُهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ فِي الْحَالِ أَوْ طَلَاقًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَنَحْنُ نَقْطَعُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَهُ فِي الْأَزَلِ فَقَدْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ فِي الْأَزَلِ وَهَذِهِ الشُّرُوطُ أَسْبَابٌ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا الْوُجُودُ فَيَلْزَمُ أَنْ تَطْلُقَ فِي أَوَّلِ أَزْمِنَةِ الْإِمْكَانِ وَقَبُولُ الْمَحَلِّ عِنْدَ أَوَّلِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ) قُلْتُ: تَجْوِيزُهُ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ الَّذِي يَكُونُ مَفْعُولَ الْمَشِيئَةِ هُوَ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ مُنَاقِضٌ لِمَا قَالَ قَبْلُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ وَجَوَابَهُ لَا يَتَعَلَّقَانِ إلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ مَعَ أَنَّ هَذَا

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

أَنَّ الْعَقْدَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَعَلَى تَصْحِيحِ الدَّوْرِ تَنْحَسِمُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ وَيَمْتَنِعُ وُقُوعُهَا فِي الْوُجُودِ وَالْمَقْصُودِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَإِلْغَاءُ أَصْحَابِنَا فِيهِ الْقَبْلِيَّةَ نَظَرًا لِاتِّصَافِ الْمَحَلِّ بِالْحَلِيَّةِ إلَى زَمَنِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَفِي زَمَنِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ قَدْ مَضَى قَبْلَهُ وَالزَّمَنُ الْمَاضِي عَلَى الْحِلِّ لَا تَرْتَفِعُ الْحَلِيَّةُ فِيهِ بِالثَّلَاثِ بَعْدَ مُضِيِّهِ حَتَّى يَلْزَمَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَصْلًا كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ كَابْنِ سُرَيْجٍ حَتَّى عُرِفَتْ بِالْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ حِجَازِيٌّ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْأَمِيرِ وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِمْ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ نَظَرًا لِمَا يَلْزَمُ الِالْتِفَاتُ إلَيْهِ هُنَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ مُخَالَفَةِ إحْدَى قَوَاعِدَ ثَلَاثٍ.

(الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) أَنَّ إمْكَانَ الِاجْتِمَاعِ مَعَ الْمَشْرُوطِ مِنْ شَرْطِ الشَّرْطِ لِأَنَّ حِكْمَتَهُ لَيْسَتْ فِي ذَاتِهِ كَالسَّبَبِ بَلْ فِي غَيْرِهِ فَلَا تَحْصُلُ حِكْمَتُهُ فِيهِ إذَا لَمْ يَجْتَمِعْ مَعَ ذَلِكَ الْغَيْرِ.

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْمَعْهُودِ فِي الشَّرْعِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حُمِلَ عَلَى الْمَعْهُودِ فِي الشَّرْعِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ فَنَحْمِلُهُ فِي نَحْوِ إنْ صَلَّيْت فَأَنْتِ طَالِقٌ مَثَلًا عَلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ دُونَ الدُّعَاءِ.

(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ) أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِيمَا يَمْلِكُ وَفِيمَا لَا يَمْلِكُ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ إلَّا فِيمَا يَمْلِكُ فَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَامْرَأَةِ جَارِهِ: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ وَحْدَهَا وَلِعَبْدِهِ وَعَبْدِ زَيْدٍ أَنْتُمَا حُرَّانِ يَعْتِقُ عَبْدُهُ وَحْدَهُ وَبَيَانُ الْمُخَالَفَةِ لِإِحْدَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ عَلَى الِالْتِفَاتِ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ هُنَا أَنَّ قَوْلَهُ إنْ طَلَّقْتُك إمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اللَّفْظِ أَوْ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ التَّحْرِيمُ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى اللَّفْظِ خَالَفَ الْقَاعِدَةَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ الْمَعْهُودِ فِي الشَّرْعِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَأَبْقَيْنَا التَّعْلِيقَ عَلَى صُورَتِهِ خَالَفَ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى لِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِ الشَّرْطِ مَعَ مَشْرُوطِهِ حِينَئِذٍ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَلَمْ يَبْقَ التَّعْلِيقُ عَلَى صُورَتِهِ بَلْ أُسْقِطَ مِنْ الْمَشْرُوطِ الَّذِي هُوَ الثَّلَاثُ الْمُتَقَدِّمَةُ مَا بِهِ وَقَعَ التَّبَايُنُ بَيْنَ الثَّلَاثِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالشَّرْطِ الَّذِي أَوْقَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ شَرْعًا لِلْقَاعِدَةِ الْأُولَى فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ كَعَبْدِ زَيْدٍ وَامْرَأَةِ الْجَارِ لِلْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ بِأَنْ نُسْقِطَ وَاحِدَةً حَيْثُ أَوْقَعَ وَاحِدَةً لِأَنَّ اثْنَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>