لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتَ إلَّا وَاحِدَةً فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ إلَّا وَاحِدَةً» فَحَلَّفَهُ بَعْدَ دَعْوَى امْرَأَتِهِ الثَّلَاثِ، وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَيْمَانَ تَثْبُتُ بَعْدَ اللَّوْثِ، وَهُوَ وُجُودُهُ مَطْرُوحًا بَيْنَهُمْ، وَهُمْ أَعْدَاؤُهُ، وَغَلَّظَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا بِخِلَافِ صُورَةِ النِّزَاعِ فِي الْمَقِيسِ، وَلِأَنَّ الْقَتْلَ نَادِرٌ، وَفِي الْخَلَوَاتِ حَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْإِشْهَادُ فَغَلُظَ أَمْرُهُ لِحُرْمَةِ الدِّمَاءِ، وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَاهُنَا لَا يَحْلِفُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَانْحَسَمَتْ الْمَادَّةُ، وَعَنْ الثَّالِثِ أَنَّ اللِّعَانَ مُسْتَثْنًى لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ هَاهُنَا فَجُعِلَتْ الْأَيْمَانُ مَقَامُ الشَّهَادَةِ لِتَعَذُّرِهَا، وَضَرُورَةِ الْأَزْوَاجِ لِنَفْيِ الْعَارِ وَحِفْظِ النَّسَبِ، وَعَنْ الرَّابِعِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الضَّرُورَاتِ، وَخَطَرِ الْبَابِ، وَعَنْ الْخَامِسِ، وَإِنْ صَحَّ الْفَرْقُ أَنَّ أَصْلَ الطَّلَاقِ يَثْبُتُ بِلَفْظٍ صَالِحٍ بَلْ ظَاهِرٍ لِلثَّلَاثِ، وَدَعْوَى الْمَرْأَةِ أَصْلَ الطَّلَاقِ لَيْسَ فِيهِ ظُهُورٌ بَلْ مَرْجُوحٌ بِاسْتِصْحَابِ الْعِصْمَةِ
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْعَبْدِيُّ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَرْبَعَةٌ الْأَمْوَالُ وَالْكَفَالَةُ وَالْقِصَاصُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَالْخُلْطَةُ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي التَّحْلِيفِ فِي بَعْضِ الْأَمْوَالِ، وَاَلَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ثَلَاثَةُ عَشَرَ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْوَلَاءُ وَالْأَحْبَاسُ، وَالْوَصَايَا لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَهِلَالُ رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ، وَالْمَوْتُ وَالْقَذْفُ وَالْإِيصَاءُ، وَتَرْشِيدُ السَّفِيهِ، وَنَقْلُ الشَّهَادَةِ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهَا هَلْ نُثْبِتُ بِهِمَا أَمْ لَا خَمْسَةٌ الْوَكَالَةُ، وَنِكَاحُ امْرَأَةٍ قَدْ مَاتَتْ وَالتَّجْرِيحُ وَالتَّعْدِيلُ
(تَنْبِيهٌ) قَبُولُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فِي الْقِصَاصِ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهَا يُصَالَحُ عَلَيْهَا بِالْمَالِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مُشْكِلٌ جِدًّا فَإِنَّهُ إلْغَاءٌ لِلْأَصْلِ، وَاعْتِبَارٌ لِلطَّوَارِئِ الْبَعِيدَةِ، وَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ فِي النَّفْسِ أَيْضًا، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِمَا فِي الْأَحْبَاسِ مَعَ أَنَّهَا مَنَافِعُ، وَلَا فِي الْوَلَاءِ، وَمَآلُهُ إلَى الْإِرْثِ، وَهُوَ مَالٌ وَالْوَصَايَا، وَهِيَ مَالٌ، وَتَرْشِيدُ السَّفِيهِ يَئُولُ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَالٌ، وَالْمَالُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَقْرَبُ مِنْ الْمَالِ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ يُبِيحُ الْقِصَاصَ بِذَلِكَ، وَمَتَى يَقَعُ الصُّلْحُ فِيهَا فَهِيَ مُشْكِلَةٌ، وَعَدَمُ قَبُولِهِ هَذِهِ الْحُجَّةَ فِي الْأَحْبَاسِ، وَمَا ذَكَرَ مَعَهَا مُشْكِلٌ مَعَ أَنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَكَالَةَ إذَا كَانَتْ تَئُولُ إلَى مَالٍ تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا مَآلُهُ إلَى الْمَالِ عَكْسُهُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ فِي الْحَبْسِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
لَا يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ أَلْبَتَّةَ بَلْ إنَّمَا تَدْخُلُهَا الْفُتْيَا فَقَطْ فَكُلُّ مَا وُجِدَ بِهَا مِنْ الْإِخْبَارَاتِ فَهِيَ فُتْيَا فَقَطْ فَلَيْسَ لِحَاكِمٍ أَنْ يَحْكُمَ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ، وَلَا أَنَّ هَذَا الْمَاءَ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَيَكُونُ بِحُلُولِ قَلِيلِ نَجَاسَةٍ فِيهِ لَمْ تُغَيِّرْهُ نَجِسًا فَيَحْرُمُ عَلَى الْمَالِكِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِعْمَالُهُ بَلْ مَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فُتْيَا إنْ كَانَتْ مَذْهَبَ السَّامِعِ عَمِلَ بِهَا، وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُهَا، وَالْعَمَلُ بِمَذْهَبِهِ قَالَهُ الْأَصْلُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الشَّاطِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْأَصْلُ، وَيَلْحَقُ بِالْعِبَادَاتِ أَسْبَابُهَا فَإِذَا شَهِدَ بِهِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَأَثْبَتَهُ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ، وَنَادَى فِي الْمَدِينَةِ بِالصَّوْمِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّ لِأَنَّ ذَلِكَ فُتْيَا لَا حُكْمٌ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ حَاكِمٌ قَدْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّ الدَّيْنَ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ أَوْ لَا يُسْقِطُهَا أَوْ مِلْكُ نِصَابٍ مِنْ الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ لِاسْتِعْمَالِ مُبَاحٍ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ أَوْ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْأَضَاحِيِّ وَالْعَقِيقَةِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا أَوْ فِي أَسْبَابِهَا لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ بَلْ يَتْبَعُ مَذْهَبَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَوْلُ ذَلِكَ الْقَائِلِ لَا فِي عِبَادَةٍ، وَلَا فِي سَبَبِهَا وَلَا شَرْطِهَا وَلَا مَانِعِهَا، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَالَ لَا تُقِيمُوا الْجُمُعَةَ إلَّا بِإِذْنِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حُكْمًا، وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةً مُخْتَلَفًا فِيهَا هَلْ تَفْتَقِرُ الْجُمُعَةِ إلَى إذْنِ السُّلْطَانِ أَمْ لَا، وَلِلنَّاسِ أَنْ يُقِيمُوهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ صُورَةُ الْمُشَاقَّةِ، وَخَرْقُ أُبَّهَةِ الْوِلَايَةِ، وَإِظْهَارُ الْعِنَادِ وَالْمُخَالَفَةِ فَتَمْتَنِعُ إقَامَتُهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ لِأَجْلِ ذَلِكَ لَا لِأَنَّهُ مَوْطِنُ خِلَافٍ اتَّصَلَ بِهِ حُكْمُ حَاكِمٍ، وَقَدْ قَالَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ اهـ بِلَفْظِهِ.
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الشَّاطِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِيمَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ إذْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ حُكْمٌ يَلْزَمُ جَمِيعَ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ غَيْرَ ذَلِكَ الْحَاكِمَ مِمَّنْ يُخَالِفُ مَذْهَبُهُ مَذْهَبَهُ مَا بُنِيَ عَلَى ذَلِكَ الثُّبُوتِ كَمَا إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ، وَأَرَادَ أَخْذَهَا مِمَّنْ يُخَالِفُ مَذْهَبُهُ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْإِمَامِ لَا تُقِيمُوا الْجُمُعَةَ إلَّا بِإِذْنِي حُكْمُ حَاكِمٍ اتَّصَلَ بِأَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَيَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عِنْدَ حُكْمِهِ كَمَا قَالَهُ ذَلِكَ الْفَقِيهُ فَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
قُلْت وَخَالَفَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي قَوْلِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْإِمَامِ إلَخْ حَيْثُ وَافَقَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ عُمَرَ الْبُلْقِينِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ قَوْلِهِ وَلَقَدْ عَجِبْت مِنْ قَاضٍ حَضَرَ عِنْدَ سُلْطَانٍ، وَوَقَعَ الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِي جَامِعٍ بَنَاهُ ذَلِكَ السُّلْطَانُ فَلَمَّا تَكَلَّمُوا فِي الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي نَحْكُمُ بِصِحَّةِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ، وَهَذَا الْكَلَامُ بَاطِلٌ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute