للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعَاصِي تَعْظِيمًا لِحَسَنَاتِ الْخَلْقِ عَلَى سَيِّئَاتِهِمْ رَحْمَةً بِهِمْ.

(الرَّابِعُ) طِينُ الْمَطَرِ الْوَاقِعُ فِي الطَّرَقَاتِ وَمَمَرِّ الدَّوَابِّ وَالْمَشْيِ بِالْأَمْدِسَةِ الَّتِي يُجْلَسُ بِهَا فِي الْمَرَاحِيضِ الْغَالِبُ عَلَيْهَا وُجُودُ النَّجَاسَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، وَإِنْ كُنَّا لَا نُشَاهِدُ عَيْنَهَا، وَالنَّادِرُ سَلَامَتُهَا مِنْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ أَلْغَى الشَّارِعُ حُكْمَ الْغَالِبِ، وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ تَوْسِعَةً وَرَحْمَةً بِالْعِبَادِ فَيُصَلِّي بِهِ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ.

(الْخَامِسُ) النِّعَالُ الْغَالِبُ عَلَيْهَا مُصَادَفَةُ النَّجَاسَاتِ لَا سِيَّمَا نَعْلٌ مَشَى بِهَا سَنَةً، وَجَلَسَ بِهَا فِي مَوَاضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ سَنَةً، وَنَحْوَهَا فَالْغَالِبُ النَّجَاسَةُ وَالنَّادِرُ سَلَامَتُهَا مِنْ النَّجَاسَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ أَلْغَى الشَّرْعُ حُكْمَ الْغَالِبِ، وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ فَجَاءَتْ السُّنَّةُ بِالصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ قَلْعَ النِّعَالِ فِي الصَّلَاةِ بِدْعَةٌ كُلُّ ذَلِكَ رَحْمَةٌ وَتَوْسِعَةٌ عَلَى الْعِبَادِ.

(السَّادِسُ) الْغَالِبُ عَلَى ثِيَابِ الصِّبْيَانِ النَّجَاسَةُ لَا سِيَّمَا مَعَ طُولِ لُبْسِهِمْ لَهَا، وَالنَّادِرُ سَلَامَتُهَا، وَقَدْ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِصَلَاتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأُمَامَةَ يَحْمِلُهَا فِي الصَّلَاةِ إلْغَاءً لِحُكْمِ الْغَالِبِ وَإِثْبَاتًا لِحُكْمِ النَّادِرِ لُطْفًا بِالْعِبَادِ.

(السَّابِعُ) ثِيَابُ الْكُفَّارِ الَّتِي يَنْسِجُونَهَا بِأَيْدِيهِمْ مَعَ عَدَمِ تَحَرُّزِهِمْ مِنْ النَّجَاسَاتِ فَالْغَالِبُ نَجَاسَةُ أَيْدِيهِمْ لِمَا يُبَاشِرُونَهُ عِنْدَ قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَمُبَاشَرَتِهِمْ الْخُمُورَ وَالْخَنَازِيرَ، وَلُحُومَ الْمَيْتَاتِ، وَجَمِيعُ أَوَانِيهِمْ نَجِسَةٌ بِمُلَابَسَةِ ذَلِكَ، وَيُبَاشِرُونَ النَّسْجَ وَالْعَمَلَ مَعَ بِلَّةِ أَيْدِيهِمْ، وَعَرَقِهَا حَالَةَ الْعَمَلِ، وَيَبُلُّونَ تِلْكَ الْأَمْتِعَةَ بِالنَّشَا وَغَيْرِهِ مِمَّا يُقَوِّي لَهُمْ الْخُيُوطَ وَيُعِينُهُمْ عَلَى النَّسْجِ فَالْغَالِبُ نَجَاسَةُ هَذَا الْقُمَاشِ، وَالنَّادِرُ سَلَامَتُهُ عَنْ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْهُ مَالِكٌ فَقَالَ مَا أَدْرَكْت أَحَدًا يَتَحَرَّزُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي مِثْلِ هَذَا فَأَثْبَتَ الشَّارِعُ حُكْمَ النَّادِرِ، وَأَلْغَى حُكْمَ الْغَالِبِ، وَجَوَّزَ لُبْسَهُ تَوْسِعَةً عَلَى الْعِبَادِ.

(الثَّامِنُ) مَا يَصْنَعُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ فِي أَوَانِيهِمْ، وَبِأَيْدِيهِمْ الْغَالِبُ نَجَاسَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَالنَّادِرُ طَهَارَتُهُ، وَمَعَ ذَلِكَ أَثْبَتَ الشَّرْعُ حُكْمَ النَّادِرِ، وَأَلْغَى حُكْمَ الْغَالِبِ، وَجَوَّزَ أَكْلَهُ تَوْسِعَةً عَلَى الْعِبَادِ.

(التَّاسِعُ) مَا يَصْنَعُهُ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ، وَلَا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ، وَلَا يَتَحَرَّزُونَ مِنْ النَّجَاسَاتِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ الْغَالِبُ نَجَاسَتُهَا، وَالنَّادِرُ سَلَامَتُهَا فَأَلْغَى الشَّارِعُ حُكْمَ الْغَالِبِ، وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ، وَجَوَّزَ أَكْلَهَا تَوْسِعَةً وَرَحْمَةً عَلَى الْعِبَادِ.

(الْعَاشِرُ) مَا يَنْسِجُهُ الْمُسْلِمُونَ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ الْغَالِبُ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ، وَقَدْ أَثْبَتَ الشَّرْعُ حُكْمَ النَّادِرِ، وَأَلْغَى حُكْمَ الْغَالِبِ، وَجَوَّزَ الصَّلَاةَ فِيهِ لُطْفًا بِالْعِبَادِ

(الْحَادِيَ عَشَرَ) مَا يَصْبُغُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ الْغَالِبُ نَجَاسَتُهُ، وَهُوَ أَشَدُّ مِمَّا يَنْسِجُونَهُ لِكَثْرَةِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

قَدْ يُقِرُّ لَهُ بِهَا قَالَ سَحْنُونٌ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا، وَعَنْ مَالِكٍ يُنْزَعُ مِنْ الْمَطْلُوبِ، وَيُوقَفُ لِتَيَقُّنِهَا أَنَّهَا لِغَيْرِهِ فَإِنْ قَالُوا لَا نَعْرِفُ عَدَدَ الْوَرَثَةِ لَمْ يَقْضِ لِهَذَا بِشَيْءٍ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى تَسْمِيَةِ الْوَرَثَةِ، وَتَبْقَى الدَّارُ بِيَدِ صَاحِبِ الْيَدِ حَتَّى يَثْبُتَ عَدَدُ الْوَرَثَةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ لِنَقْضِ الْقِسْمَةِ وَتَشْوِيشِ الْأَحْكَامِ ثُمَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَزْمِ بِالنَّفْيِ فِي مَوْضِعِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ لَا نَقْبَلُ شَهَادَةَ مَنْ يَقُولُ فُلَانٌ وَارِثٌ، وَهَذَا الْعَبْدُ لَهُ مَا بَاعَ، وَلَا وَهَبَ، وَلَا يَدْرِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِالنَّفْيِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ نَعَمْ قَالَ مَالِكٌ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ بَاعَ، وَلَا وَهَبَ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَجُوزُ إلَّا الْجَزْمُ بِأَنْ يَقُولَ مَا بَاعَ، وَلَا وَهَبَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِغَيْرِ الْجَزْمِ لَا تَجُوزُ قَالَ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَظْهَرُ.

وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ لَمْ يُسْمَعْ حَتَّى يَقُولَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِي، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَمْسِ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ، وَاسْتُصْحِبَ مُوجِبُهُ، وَلَوْ قَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ نَزَعَ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ تَحْقِيقٍ فَيُسْتَصْحَبُ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ هُوَ مِلْكُهُ بِالْأَمْسِ بِشِرَاءٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ لَمْ يُفْدِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ مَلَكَهُ، وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ غَصَبَهُ جَعَلَ الْمُدَّعِيَ صَاحِبَ الْيَدِ، وَلَوْ اُدُّعِيَتْ مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدَتْ بِالْمِلْكِ وَالسَّبَبِ لَمْ يَضُرَّ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ هَذَا تَهْذِيبُ مَا قَالَهُ الْأَصْلُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الشَّاطِّ، وَمَا قَالَهُ فِيهَا صَحِيحٌ أَوْ نَقْلٌ لَا كَلَامَ فِيهِ اهـ.

قُلْت: وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِاعْتِبَارِ مَا يَكْفِي مِنْهَا فِي الْمَشْهُورِ فَلِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَخَلِيلٍ أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، وَسَمُّوهَا مَرَاتِبُ عَدْلَانِ عَدْلٌ، وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ امْرَأَتَانِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ مَا تُوجِبُهُ فَلِلْجَزِيرِيِّ فِي وَثَائِقِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَاصِمٍ فِي نَظْمِهِ أَنَّهَا بِالِاسْتِقْرَاءِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْعَاصِمِيَّةِ:

تَخْتَصُّ أُولَاهَا عَلَى التَّعْيِينِ ... أَنْ تُوجِبَ الْحَقَّ بِلَا يَمِينِ

وَالثَّانِي قَالَ فِي الْعَاصِمِيَّةِ:

ثَانِيَةٌ تُوجِبُ حَقًّا مَعَ قَسَمْ ... فِي الْمَالِ أَوْ مَا آلَ لِلْمَالِ تُؤَمْ

وَالثَّالِثُ قَالَ فِيهَا:

ثَالِثَةٌ لَا تُوجِبُ الْحَقَّ نَعَمْ ... تُوجِبُ تَوْقِيفًا بِهِ حُكْمُ الْحَكَمْ

وَالرَّابِعُ قَالَ فِيهَا:

رَابِعَةٌ مَا تَلْزَمُ الْيَمِينَا ... لَا الْحَقَّ لَكِنْ لِلْمُطَالِبِينَا

، وَالْخَامِسُ قَالَ فِيهَا:

خَامِسَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا عَمَلُ ... وَهِيَ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا تَقْبَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>