للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجْمَاعًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْفَلَاسِفَةِ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ.

(الْقِسْمُ التَّاسِعُ) الْجَهْلُ بِمَا وَقَعَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الصِّفَاتِ وَهُوَ تَعَلُّقُهَا بِإِيجَادِ مَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْخَلْقِ هَلْ يَجُوزُ هَذَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا فَأَهْلُ الْحَقِّ يُجَوِّزُونَهُ، وَأَنْ يَفْعَلَ لِعِبَادِهِ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ لَهُمْ، وَأَنْ لَا يَفْعَلَهُ كُلُّ ذَلِكَ لَهُ تَعَالَى فَكُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ وَالْخَلَائِقُ دَائِرُونَ بَيْنَ فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، وَفِي تَكْفِيرِ الْمُعْتَزِلَةِ بِذَلِكَ قَوْلَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمْ.

(الْقِسْمُ الْعَاشِرُ) مَا وَقَعَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الصِّفَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ أَوْ يَقَعُ مِمَّا لَمْ يُكَلَّفْ بِهِ كَخَلْقِ حَيَوَانٍ فِي الْعَالَمِ أَوْ إجْرَاءِ نَهْرٍ أَوْ إمَاتَةِ حَيَوَانٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا الْقِسْمُ لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَهُوَ جَهْلٌ بَلْ قَدْ يُكَلَّفُ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الشَّرَائِعِ لِأَمْرٍ يَخُصُّ تِلْكَ الصُّورَةَ لَا؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ: (الْقِسْمُ الْعَاشِرُ مَا وَقَعَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الصِّفَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ أَوْ يَقَعُ مَا لَمْ يُكَلَّفْ بِهِ كَخَلْقِ حَيَوَانٍ فِي الْعَالَمِ أَوْ إجْرَاءِ نَهْرٍ أَوْ إمَاتَةِ حَيَوَانٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا الْقِسْمُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَهُوَ جَهْلٌ) قُلْتُ: إنْ أَرَادَ الْجَهْلَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الْمَوْجُودَاتِ الْمَعْلُومِ وُجُودُهَا فَذَلِكَ كُفْرٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْجَهْلَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ حَيَوَانًا لَا يَعْلَمُ وُجُودَهُ فَذَلِكَ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْجَهْلَ لَيْسَ بِرَاجِعٍ إلَى الْجَهْلِ بِتَعَلُّقِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ بَلْ بِوُجُودِ هَذَا الْمُتَعَلِّقِ. قَالَ: (بَلْ قَدْ يُكَلَّفُ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الشَّرَائِعِ لِأَمْرٍ يَخُصُّ تِلْكَ الصُّورَةَ لَا لِأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

أَوْ إيدَاعِهِ، وَيُسْتَصْحَبُ الْحَالُ لَهُ، وَالْمِلْكُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لِلْآخَرِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِحِيَازَةٍ عَنْ الْأَوَّلِ وَحُضُورِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ فَيَقْضِي لَهُ فَإِنْ جُهِلَ السَّبْقُ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَشْهَدْت فَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا بِغَصْبِ الثَّالِثِ مِنْهُ، وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ أَنَّ الثَّالِثَ أَقَرَّ لَهُ بِالْإِيدَاعِ قُضِيَ لِصَاحِبِ الْغَصْبِ لِتَضْمِينِ بَيِّنَتِهِ الْيَدَ السَّابِقَةَ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ لَوْ كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ، وَفِي يَدِ عَبْدٍ لِأَحَدِهِمَا فَادَّعَاهَا الثَّلَاثَةُ قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا إنْ كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا، وَإِلَّا فَنِصْفَيْنِ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ مَوْلَاهُ أَفَادَهُمَا الْأَصْلُ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) قَالَ تُسُولِيُّ الْعَاصِمِيَّةِ لَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ بِكُلِّ قِسْمٍ مِنْ قِسْمَيْ الْحِيَازَةِ الْمُرَجِّحَةِ مِنْ ذِكْرِ الْيَدِ وَتَصَرُّفِ الْحَائِزِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ وَالنِّسْبَةُ وَعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَطُولِ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ فِي الْأُولَى يَعْنِي الْحِيَازَةَ مَعَ جَهْلِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ، وَعَشْرُ سِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ يَعْنِي الْحِيَازَةَ مَعَ عِلْمِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ، وَعَدَمُ التَّفْوِيتِ فِي عِلْمِهِمْ فَإِذَا فُقِدَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى الْمَعْمُولِ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي حَاشِيَةِ اللَّامِيَّةِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ مَالٍ مِنْ أَمْوَالِهِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِي لَغْوِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فِي دَارٍ بِأَنَّهَا مِلْكُ فُلَانٍ حَتَّى يَقُولَ، وَمَالٍ مِنْ أَمْوَالِهِ وَقَبُولِهَا مُطْلَقًا ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الشُّهُودُ لَهُمْ نَبَاهَةٌ وَيَقَظَةٌ الْأَوَّلُ لِابْنِ سَهْل عَنْ مَالِكٍ قَائِلًا شَاهَدْت الْقَضَاءَ بِهِ. اهـ

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) قَالَ تُسُولِيُّ الْعَاصِمِيَّةِ كَيْفِيَّةُ وَثْقِيَّةِ ذَلِكَ أَنْ تَقُولَ يَشْهَدُ الْوَاضِعُ شَكَاهُ أَثَرُهُ بِمَعْرِفَتِهِ لِفُلَانٍ، وَمَعَهَا يَشْهَدُ بِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ، وَعَلَى مِلْكِهِ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ، وَمِلْكًا خَالِصًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْلَاكِهِ جَمِيعُ كَذَا الْمَحْدُودِ بِكَذَا يُعْرَفُ فِيهِ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، وَيَنْسُبُهُ لِنَفْسِهِ، وَالنَّاسُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ مُنَازِعٍ، وَلَا مُعَارِضَ مُدَّةً مِنْ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا أُخْرِجَتْ عَنْ مِلْكِهِ إلَى الْآنَ أَوْ إلَى أَنْ تَعْتَدِيَ عَلَيْهَا فُلَانٌ أَوْ إلَى أَنْ غَابَ أَوْ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَتَرَكَهَا لِمَنْ أَحَاطَ بِمِيرَاثِهِ إلَخْ فَإِذَا ثَبَتَ هَذِهِ الْوَثِيقَةُ هَكَذَا، وَأَعْذَرَ فِيهَا لِلْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْ مَطْعَنًا فَلَا إشْكَالَ أَنَّهَا تَدُلُّ دَلَالَةً ظَنِّيَّةً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِهَذَا الْقَائِمِ، وَلَا تُفِيدُ الْقَطْعَ لِأَنَّ الشَّهَادَاتِ مِنْ حَيْثُ هِيَ إنَّمَا تُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ فَقَطْ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّمَا تُقْبَلُ فِيمَا جُهِلَ أَصْلُ مِلْكِهِ لِأَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَنَا حَتَّى شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لِهَذَا الْقَائِمِ.

وَحِينَئِذٍ فَيَقْضِي لَهُ بِهِ حَيْثُ لَا مَطْعَنَ بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَ الْحَائِزَ أَوْ لَا هَلْ لَك حُجَّةٌ، وَلَعَلَّهُ يُقِرُّ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْقَائِمِ، وَأَنَّهُ دَخَلَ بِكِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ فَإِنْ قَالَ حَوْزِي وَمِلْكِي، وَبِيَدِي وَأَثْبَتَ حِيَازَةَ ذَلِكَ عَنْهُ عَشْرَ سِنِينَ فِي الْأُصُولِ أَوْ عَامَيْنِ فِي غَيْرِهَا بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا مِنْ الْيَدِ وَالنِّسْبَةِ، وَدَعْوَى الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ، وَعَدَمِ الْمُنَازِعِ إلَخْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْقَائِمَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ إلَخْ فَقَدْ سَقَطَ حَقُّ الْقَائِمِ، وَتَبْقَى الْأَمْلَاكُ بِيَدِ حَائِزِهَا، وَلَا يُكَلَّفُ بَيَانُ وَجْهِ تَمَلُّكِهِ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَبِالْجُمْلَةِ فَمَهْمَا ثَبَتَتْ الْحِيَازَةُ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ بِالْقُيُودِ أَوَّلًا لَا تَقْطَعُهَا الْحِيَازَةُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ عَشْرَ سِنِينَ فَأَكْثَرَ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا، وَمَهْمَا ثَبَتَتْ الْحِيَازَةُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ مَعَ عِلْمِ أَصْلِ الْمِلْكِ لِمَنْ هُوَ قُطِعَتْ حُجَّةُ الْقَائِمِ مَعَ عِلْمِ أَصْلِ مِلْكِهِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَصْلُ مَدْخَلِهِ أَمَّا إذَا عُلِمَ كَكَوْنِهِ دَخَلَ بِكِرَاءٍ مِنْ الْقَائِمِ أَوْ إسْكَانٍ أَوْ مُسَاقَاتٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تَقْطَعُهَا، وَلَوْ طَالَتْ فَأَصْلُ الْمِلْكِ، وَأَصْلُ الْمَدْخَلِ شَيْئَانِ مُتَغَايِرَانِ، وَهُمَا وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَشْتَرِطُ جَهْلَهُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ شَرْطٌ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الْقَائِمِ إذْ هِيَ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَالثَّانِي شَرْطٌ فِي أَعْمَالِ حِيَازَةِ الْمُقَوِّمِ عَلَيْهِ إذْ لَا يَعْلَمُ بِحِيَازَتِهِ إلَّا إذَا جَهِلَ مَدْخَلَهُ.

أَمَّا إذَا عَلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>