للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّ اللَّهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْقِسْمِ الثَّامِنِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَقْسَامٍ فِي الْجَهْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِذَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ الْعُلَى، وَمُتَعَلَّقَاتِ الصِّفَاتِ وَبَيَانِ الْكُفْرِ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ مِنْهَا مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مُفَصَّلًا، وَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ مَا هُوَ كُفْرٌ مِنْهَا مِمَّا لَيْسَ بِكُفْرٍ، هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَهْلِ، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَرَاءَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ الْمَجَالُ الصَّعْبُ فِي التَّحْرِيرِ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ وَجَمِيعَ الْمَعَاصِي كُلَّهَا جُرْأَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ أَمْرِ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ جَرَاءَةٌ عَلَيْهِ كَيْفَ كَانَ فَتَمْيِيزُ مَا هُوَ كُفْرٌ مِنْهَا مُبِيحٌ لِلدَّمِ مُوجِبٌ لِلْخُلُودِ هَذَا هُوَ الْمَكَانُ الْحَرِجُ فِي التَّحْرِيرِ وَالْفَتْوَى، وَالتَّعَرُّضُ إلَى الْحَدِّ الَّذِي

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ) قُلْتُ: إنْ أَرَادَ مِثْلَ السِّحْرِ الَّذِي يَكْفُرُ بِهِ فَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا أَدْرِي مَا أَرَادَ. قَالَ: (وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي هُوَ أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْقِسْمِ الثَّامِنِ فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَقْسَامٍ مِنْ الْجَهْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى وَمُتَعَلَّقَاتِ الصِّفَاتِ وَبَيَانِ الْكُفْرِ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ مِنْهَا مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مُفَصَّلًا وَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ مَا هُوَ كُفْرٌ مِنْهَا مِمَّا لَيْسَ بِكُفْرٍ) قُلْتُ: فِيمَا قَالَهُ إنْ أَرَادَ حَصْرَ الْكُفْرِ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ.

قَالَ: (هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَهْلِ، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَرَاءَةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ الْمَجَالُ الصَّعْبُ فِي التَّحْرِيرِ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ وَجَمِيعَ الْمَعَاصِي كُلَّهَا جَرَاءَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ أَمْرِ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ جَرَاءَةٌ عَلَيْهِ كَيْفَ كَانَ فَتَمْيِيزُ مَا هُوَ كُفْرٌ مِنْهَا مُبِيحٌ لِلدَّمِ مُوجِبٌ لِلْخُلُودِ هَذَا هُوَ الْمَكَانُ الْحَرِجُ فِي التَّحْرِيرِ وَالْفَتْوَى، وَالتَّعَرُّضُ إلَى الْحُدُودِ الَّذِي

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

بِإِسْكَانٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ حُجَّةُ الْأَوَّلِ بَلْ هِيَ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ، وَانْظُرْ الْكَلَامَ عَلَى الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْيَدِ وَالنِّسْبَةِ وَغَيْرِهِمَا فِي حَاشِيَتِنَا عَلَى اللَّامِيَّةِ اهـ كَلَامُ التَّسَوُّلِيِّ بِتَصَرُّفٍ، وَسَتَأْتِي مَسَائِلُ أُخَرُ فِي الْحِيَازَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُوَ حُجَّةٌ، وَمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْحُكَّامِ فَتَرَقَّبْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

(الْفَرْقُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ وَالْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا تَجِبُ إجَابَةُ الْحَاكِمِ فِيهِ إذَا دَعَاهُ إلَيْهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ فِيهِ)

اعْلَمْ أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي الَّتِي يَذْكُرُهَا لِلْحَاكِمِ وَيُوَجِّهُهَا عَلَى الْمَطْلُوبِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) أَنْ تَكُونَ مُجَرَّدَةً عَمَّا يَظْهَرُ بِهِ صِحَّتُهَا مِمَّا مَرَّ، وَعَنْ دَلِيلٍ وَشُبْهَةٍ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْقِسْمِ هَلْ يَجِبُ بِهِ الْإِجَابَةُ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَهَا لِأَعْلَى مِنْ فَوْقِهَا، وَهُوَ مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ، وَلَا تَجِبُ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَفِي الْحَطَّابِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ نَقْلًا عَنْ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ، وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ لَا تَتَوَجَّهُ فَيَبْعَثُ إلَيْهِ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَيُحْضِرُهُ لِمَا لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ، وَيَفُوتُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ حُضُورُ بَعْضِ النَّاسِ، وَالدَّعْوَى عَلَيْهِ بِمَجْلِسِ الْحُكَّامِ مُزْرِيَةً فَيَقْصِدُ مَنْ لَهُ غَرَضٌ فَاسِدٌ أَذَى مَنْ يُرِيدُ بِذَلِكَ مِنْ التَّبْصِرَةِ اهـ.

(الْقِسْمُ الثَّانِي) أَنْ تَكُونَ مَعَ مَا تَظْهَرُ بِهِ صِحَّتُهَا مِمَّا مَرَّ دُونَ أَنْ يَأْتِيَ بِدَلِيلٍ وَشُبْهَةٍ، وَفِي هَذَا الْقِسْمِ قَالَ الْأَصْلُ إنْ دَعَا مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ لِأَنَّهُ لَا تَتِمُّ مَصَالِحُ الْأَحْكَامِ وَإِنْصَافِ الْمَظْلُومِينَ مِنْ الظَّالِمِينَ إلَّا بِذَلِكَ، وَمِنْ أَبْعَدِ مِنْ الْمَسَافَةِ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَيُجْلَبُ الْخَصْمُ مَعَ مُدَّعِيهِ بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَإِنْ زَادَ لَمْ يَجْلِبْهُ اهـ وَقَالَ خَلِيلٌ وَجَلْبُ الْخَصْمِ بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَا بِأَكْثَرَ كَسِتِّينَ مِيلًا اهـ يَعْنِي أَنَّ الْخَصْمَ إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ يُرْفَعُ بِالْإِرْسَالِ إلَيْهِ لَا بِالْخَاتَمِ عَلَى مَا بِهِ الْعَمَلُ كَمَا فِي الْيَزْنَاسِيِّ، وَظَاهِرُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهُ يُرْفَعُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشُبْهَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ، وَبِهِ الْعَمَلُ، وَإِذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى يُرْفَعُ بِكِتَابَةِ كِتَابٍ إلَيْهِ أَنْ اُحْضُرْ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَيُطِيعُ وَيُدْفَعُ لِلطَّالِبِ الْآتِي بِالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي تُسُولِيِّ الْعَاصِمِيَّةِ قَالَ وَمَسَافَةُ الْعَدْوَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا فَهِيَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ كَمَا فِي التَّبْصِرَةِ الْجَوْهَرِيُّ الْعَدْوَى طَلَبُك إلَى وَالٍ لِيُعْدِيَك عَلَى مَنْ ظَلَمَك أَيْ يَنْتَقِمُ مِنْهُ يُقَال اسْتَعْدَيْت عَلَى فُلَانٍ الْأَمِيرَ فَأَعْدَانِي أَيْ اسْتَعَنْت بِهِ فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ اهـ.

(الْقِسْمُ الثَّالِثُ) أَنْ تَكُونَ مَعَ مَا تَظْهَرُ بِهِ صِحَّتُهَا مِمَّا مَرَّ، وَمَعَ الْإِتْيَانِ بِدَلِيلٍ وَشُبْهَةٍ أَيْ لَطْخٍ كَجَرْحٍ أَوْ شَاهِدٍ أَوْ أَثَرِ ضَرْبٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِي هَذَا الْقِسْمِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ زَادَ أَيْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَمْ يَجْلِبْهُ مَا لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ فَيَكْتُبُ إلَيْهِ إمَّا أَنْ يَحْضُرَ أَوْ يَرْضَى أَيْ خَصْمُهُ اهـ يَعْنِي أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا يَزِيدُ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى إمَّا الْإِجَابَةُ أَوْ إرْضَاءُ خَصْمِهِ لَكِنْ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ الَّذِي عَلَى مَا يَزِيدُ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى مِنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ أَمَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَاصِمٍ:

، وَالْحُكْمُ فِي الْمَشْهُورِ حَيْثُ الْمُدَّعَى ... عَلَيْهِ فِي الْأُصُولِ وَالْمَالِ مَعَا

وَحَيْثُ يُلْفِيهِ بِمَا فِي الذِّمَّهْ ... يَطْلُبُهُ وَحَيْثُ أَصْلٌ ثَمَّهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>