للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَيْفَ تُوضَعُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ مِنْ الِاسْتِوَاءِ، وَهِيَ كُلَّمَا كَثُرَتْ كَانَ أَعْسَرَ، وَالضَّوَابِطُ الْمَوْضُوعَةُ لَهَا حَسَنَةٌ لَا تَنْخَرِمُ إذَا عُرِفَتْ أَعْنِي فِي الصُّورَةِ الْوَضْعَ، وَأَمَّا مَا نُسِبَ إلَيْهَا مِنْ الْآثَارِ قَلِيلَةُ الْوُقُوعِ أَوْ عَدِيمَتُهُ.

(الْحَقِيقَةُ السَّابِعَةُ) الْخَوَاصُّ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الْحَقَائِقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْدَعَ فِي أَجْزَاءِ هَذَا الْعَالَمِ أَسْرَارًا وَخَوَاصَّ عَظِيمَةً وَكَثِيرَةً حَتَّى لَا يَكَادَ يَعْرَى شَيْءٌ عَنْ خَاصِّيَّةٍ فَمِنْهَا مَا هُوَ مَعْلُومٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَإِرْوَاءِ الْمَاءِ، وَإِحْرَاقِ النَّارِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَجْهُولٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمِنْهُ مَا يَعْلَمُهُ الْأَفْرَادُ مِنْ النَّاسِ كَالْجُحْرِ وَالْمُكَرَّمِ، وَمَا يُصْنَعُ مِنْهُ الْكِيمْيَاءُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا يُقَالُ إنَّ بِالْهِنْدِ شَجَرًا إذَا عُمِلَ مِنْهُ دُهْنٌ وَدَهَنَ بِهِ إنْسَانٌ لَا يَقْطَعُ فِيهِ الْحَدِيدُ، وَشَجَرًا إذَا اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ دُهْنٌ وَشُرِبَ عَلَى صُورَةٍ خَاصَّةٍ مَذْكُورَةٍ عِنْدَهُمْ فِي الْعَمَلِيَّاتِ اسْتَغْنَى عَنْ الْغِذَاءِ وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ الْأَمْرَاضُ وَاسْتَقَامَ، وَلَا يَمُوتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَطَالَتْ حَيَاتُهُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ يَقْتُلُهُ أَمَّا مَوْتُهُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ فَلَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَذَا شَيْءٌ مُودَعٌ فِي أَجْزَاءِ الْعَالَمِ لَا يَدْخُلُهُ فِعْلُ الْبَشَرِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ كَامِلٌ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ: (الْحَقِيقَةُ السَّابِعَةُ الْخَوَاصُّ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الْحَقَائِقِ) إلَى آخِرِ مَا قَالَ فِي هَذِهِ الْحَقِيقَةِ قُلْتُ مَا قَالَهُ فِيهَا صَحِيحٌ إلَّا مَا قَالَهُ مِنْ تَعْيِينِ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَنَسْبِهِ إلَى بَعْضِ الْأَحْجَارِ فَذَلِكَ شَيْءٌ سَمِعْنَاهُ، وَلَا نَعْلَمُ صِحَّتَهُ مِنْ سَقَمِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَلَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهَا اهـ. قَالَ الْبَاجِيَّ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ أَجْمَعَ مَنْ عَلِمْت مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ لِمُسْتَحِقِّ غَيْرِ الرِّبَاعِ وَالْعَقَارِ حُكْمٌ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ قَالَ وَرَأَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا ذَلِكَ لَازِمًا فِي الْعَقَارِ وَالرِّبَاعِ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ يَمِينًا اهـ.

وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ الرِّبَاعِ أَوْ الْأُصُولِ هَلْ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَمْ لَا، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الرِّبَاعَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَتْبِ الْوَثَائِقِ فِيهَا عِنْدَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا، وَالْإِعْلَانِ بِالشَّهَادَةِ فِيهَا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعُقُودِ، وَالْمَكَاتِبِ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ لِلطَّالِبِ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ، وَاكْتُفِيَ بِالْبَيِّنَةِ عَنْ إحْلَافِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمُتَمَوِّلَاتِ الَّتِي يَخْفَى وَجْهُ انْتِقَالِهَا، وَيَقِلُّ حِرْصُ النَّاسِ عَلَى الْمُشَاحَنَةِ فِي كَتْبِ الْوَثَاقِ فِيهَا فَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ لِذَلِكَ، وَعَلَى أَنَّ عَلَيْهِ يَمِينًا مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَمَا وَهَبَ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ.

وَاتَّفَقُوا فِي غَيْرِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لِمُسْتَحِقٍّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ لَيْسَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فِي أَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ سِلْعَةٍ يَمِينٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الَّذِي ذَلِكَ فِي يَدَيْهِ أَمْرًا يَظُنُّ بِصَاحِبِهِ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ فَيَحْلِفُ مَا فَعَلَهُ، وَيَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ غَيْرِ غَاصِبٍ، وَأَمَّا إنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ غَاصِبٍ فَلَا يَمِينَ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا إذَا ثَبَتَ مِلْكُهَا لَهُ اهـ.

قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ، وَمِمَّا يُحْكَمُ فِيهِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا فِي الطُّرَرِ مَنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ عَلَى خَطِّ غَرِيمِهِ بِمَا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ، وَالْغَرِيمُ جَاحِدٌ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَهُمَا فَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لِحَقٍّ، وَمَا اقْتَضَيْت شَيْئًا مِمَّا كَتَبَ بِهِ خَطُّهُ أَعْطَى حَقَّهُ، وَمِنْ ذَلِكَ شَهَادَةُ السَّمَاعِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا يَقْضِي لِأَحَدٍ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ السَّمَاعِ مِنْ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْيَمِينِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا جَعَلَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ إنْ غَابَ عَنْهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَغَابَ فَأَرَادَتْ الْأَخْذَ بِشَرْطِهَا عِنْدَ الْأَجَلِ، وَأَثْبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ الزَّوْجِيَّةَ وَالْغَيْبَةَ وَاتِّصَالَهَا، وَالشَّرْطُ بِذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَحْلِفَ أَنَّهَا مَا تَرَكْت مَا جَعَلَهُ بِيَدِهَا، وَأَنَّهُ غَابَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي شَرَطَهَا، وَهَذِهِ يَمِينُ اسْتِبْرَاءٍ، وَمِنْ ذَلِكَ إذَا أَقَامَتْ لِلْغَرِيمِ الْمَجْهُولِ الْحَالِ بِأَنَّهُ مُعْدَمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ.

وَإِنْ وَجَدَ مَالًا لَيُؤَدِّيَنَّ حَقَّهُ عَاجِلًا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا شَهِدَتْ عَلَى الظَّاهِرِ، وَلَعَلَّهُ غَيَّبَ مَالًا، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَدَّعِي عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ النَّفَقَةَ، وَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِإِثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْغَيْبَةِ وَاتِّصَالِهَا، وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَحَلِّهِ، وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يُسْتَظْهَرُ بِيَمِينِ الطَّالِبِ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ اهـ

(الْوَصْلُ الثَّانِي) يَمِينُ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ مَا بَاعَ، وَلَا وَهَبَ، وَيَمِينُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّهُ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ مُوَرِّثِهِمْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَأَنَّ مِلْكَ جَمِيعِهِمْ يَعْنِي الْوَرَثَةَ بَاقٍ إلَى حِينِ يَمِينِهِمْ، وَهَذِهِ التَّتِمَّةُ فِي الْيَمِينِ تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَإِذَا شَهِدَ لِرَجُلٍ شَاهِدَانِ عَلَى دَيْنٍ لِأَبِيهِ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ اقْتَضَى مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَاسْتَحَقَّهُ بِشَاهِدَيْنِ حَلَفَ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ مَا بَاعَ، وَلَا وَهَبَ، وَلَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ، وَالْيَمِينُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَظُنُّ بِهِ عِلْمُ ذَلِكَ، وَلَا يَمِينَ عَلَى مَنْ لَا يَظُنُّ بِهِ عَلِمَ ذَلِكَ، وَلَا عَلَى صَغِيرٍ، وَمَنْ نَكَلَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ مِنْهُمْ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>