وَالْعِلْمُ بِالْقُرْبِ وَالدَّرَجَةِ الَّتِي اجْتَمَعَا فِيهَا احْتِرَازًا مِنْ مَوْتِ رَجُلٍ مِنْ مَضْرَ أَوْ قُرَيْشٍ لَا يُعْلَمُ لَهُ قَرِيبٌ فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ مَعَ أَنَّ كُلَّ قُرَشِيٍّ ابْنُ عَمِّهِ، وَلَا مِيرَاثَ لِبَيْتِ الْمَالِ مَعَ ابْنِ عَمٍّ لَكِنَّهُ فَاتَ شَرْطُهُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ بِدَرَجَتِهِ مِنْهُ فَمَا مِنْ قُرَشِيٍّ إلَّا لَعَلَّ غَيْرَهُ أَقْرَبُ مِنْهُ فَهَذِهِ شُرُوطٌ لَا يُؤَثِّرُ وُجُودُهَا إلَّا فِي نُهُوضِ الْأَسْبَابِ لِتَرَتُّبِ مُسَبِّبَاتِهَا عَلَيْهَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ، بَلْ الْوُجُودُ إنْ وَقَعَ فَهُوَ لِوُجُودِ الْأَسْبَابِ لَا لَهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْعَدَمُ عِنْدَ وُجُودِهَا فَلِعَدَمِ السَّبَبِ أَوْ لِوُجُودِ الْمَانِعِ فَهَذِهِ حَقِيقَةُ الشَّرْطِ قَدْ وُجِدَتْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَتَكُونُ شُرُوطًا
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (وَالْعِلْمُ بِالْقُرْبِ وَبِالدَّرَجَةِ الَّتِي اجْتَمَعَا فِيهَا احْتِرَازًا مِنْ مَوْتِ رَجُلٍ مِنْ مُضَرَ أَوْ مِنْ قُرَيْشٍ لَا يُعْلَمُ لَهُ قَرِيبٌ، فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ مَعَ أَنَّ كُلَّ قُرَشِيٍّ ابْنُ عَمِّهِ، وَلَا مِيرَاثَ لِبَيْتِ الْمَالِ مَعَ ابْنِ عَمٍّ لَكِنَّهُ فَاتَ شَرْطُهُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ بِدَرَجَتِهِ مِنْهُ فَمَا مِنْ قُرَشِيٍّ إلَّا لَعَلَّ غَيْرَهُ أَقْرَبُ مِنْهُ) قُلْت: مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ نَقَصَهُ الْحُكْمُ بِالْقُرْبِ وَالدَّرَجَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْلُومًا وَلَكِنَّهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ قَالَ: (فَهَذِهِ شُرُوطٌ لَا يُؤَثِّرُ وُجُودُهَا إلَّا فِي نُهُوضِ الْأَسْبَابِ لِتَرَتُّبِ مُسَبَّبَاتِهَا عَلَيْهَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ وُجُودٌ، وَلَا عَدَمٌ بَلْ الْوُجُودُ إنْ وَقَعَ فَهُوَ لِوُجُودِ الْأَسْبَابِ لَا لَهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْعَدَمُ عِنْدَ وُجُودِهَا فَلِعَدَمِ السَّبَبِ أَوْ لِوُجُودِ الْمَانِعِ فَهَذِهِ حَقِيقَةُ الشَّرْطِ قَدْ وُجِدَتْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَتَكُونُ شُرُوطًا) قُلْت: قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْعِلْمُ بِحَيَاةِ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
الْأَوَّلُ: الْأَسْمَاءُ الْمَخْصُوصَةُ وَالثَّانِي تَعَلُّقُهَا بِبَعْضِ أَجْزَاءِ الْفَلَكِ. وَالثَّالِثُ جَعْلُهَا فِي جِسْمٍ مِنْ الْأَجْسَامِ. وَالرَّابِعُ قُوَّةُ النَّفْسِ الصَّالِحَةِ لِهَذِهِ الْأَعْمَالِ، قَالَهُ الْأَصْلُ.
وَقَالَ ابْنُ الشَّاطِّ: وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ شَرْعًا ثُمَّ مَنْ اعْتَقَدَ لَهَا فِعْلًا وَتَأْثِيرًا فَذَلِكَ كُفْرٌ، وَإِلَّا فَعِلْمُهَا مَعْصِيَةٌ غَيْرُ كُفْرٍ إمَّا مُطْلَقًا، وَإِمَّا مَا يُؤَدِّي مِنْهَا إلَى مَضَرَّةٍ دُونَ مَا يُؤَدِّي إلَى مَنْفَعَةٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ بِلَفْظِهِ.
(الْوَصْلُ السَّادِسُ) الْعَزَائِمُ قَالَ الْأَصْلُ: حَقِيقَتُهَا كَلِمَاتٌ، وَأَسْمَاءٌ يَزْعُمُ أَهْلُ هَذَا الْعِلْمِ أَنَّهَا تُعَظِّمُهَا الْمَلَائِكَةُ فَمَتَى أَقْسَمَ عَلَيْهَا بِهَا أَطَاعَتْ، وَأَجَابَتْ وَفَعَلَتْ مَا طَلَبَ مِنْهَا فَالْمُعَزِّمُ يُقْسِمُ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ عَلَى ذَلِكَ الْمَلَكِ فَيُحْضِرُ الْقَبِيلَ مِنْ الْجَانِّ الَّذِي طَلَبَهُ أَوْ الشَّخْصَ مِنْهُمْ فَيَحْكُمُ فِيهِ بِمَا يُرِيدُ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَجَدَ الْجَانَّ يَعْبَثُونَ بِبَنِي آدَمَ وَيَسْخَرُونَ بِهِمْ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَخْطَفُونَهُمْ مِنْ الطُّرُقَاتِ فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَلِّيَ عَلَى كُلِّ قَبِيلٍ مِنْ الْجَانِّ مَلِكًا يَضْبِطُهُمْ عَنْ الْفَسَادِ فَوَلَّى اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ عَلَى قَبَائِلِ الْجِنِّ فَمَنَعُوهُمْ مِنْ الْفَسَادِ وَمُخَالَطَةِ النَّاسِ، وَأَلْزَمَهُمْ سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سُكْنَى الْقِفَارِ وَالْخَرَابِ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ الْعَامِرِ لِيَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ شَرِّهِمْ وَيَزْعُمُونَ أَيْضًا أَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَسْمَاءً أُمِرَتْ بِتَعْظِيمِهَا فَإِذَا عَنَى الْقَبِيلُ مِنْ الْجَانِّ أَوْ الشَّخْصُ مِنْهُمْ ذَكَرَ الْمُعَزِّمُ الْأَسْمَاءَ الَّتِي تُعَظِّمُهَا تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ لِيُحْضِرُوا لَهُ مَنْ عَنَى وَأَفْسَدَ مِنْ الْجَانِّ لِيَحْكُمَ فِيهِ بِمَا يُرِيدُ وَيَزْعُمُونَ أَيْضًا أَنَّ هَذَا الْبَابَ إنَّمَا دَخَلَهُ الْخَلَلُ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ ضَبْطِ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ فَإِنَّهَا أَعْجَمِيَّةٌ لَا يُدْرَى وَزْنُ صِيَغِهَا، وَأَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهَا يَشُكُّ فِيهِ هَلْ هُوَ بِالضَّمِّ أَوْ الْفَتْحِ أَوْ الْكَسْرِ وَرُبَّمَا أَسْقَطَ النُّسَّاخُ بَعْضَ حُرُوفِ الِاسْمِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ فَيَخْتَلُّ الْعَمَلُ فَإِنَّ الْمُقْسَمَ بِهِ لَفْظٌ آخَرُ لَا يُعَظِّمُهُ ذَلِكَ الْمَلَكُ فَلَا يُجِيبُ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْمُعَزِّمِ قَالَهُ الْأَصْلُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الشَّاطِّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْعَزَائِمِ فِي الشَّرْعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ الرُّقَى إذَا تَحَقَّقَتْ وَتَحَقَّقَ أَنْ لَا مَحْذُورَ فِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ اهـ فَافْهَمْ.
(الْوَصْلُ السَّابِعُ) الِاسْتِخْدَامَاتُ لِرُوحَانِيَّاتِ الْكَوَاكِبِ وَلِمُلُوكِ الْجَانِّ حَقِيقَتُهَا كَلِمَاتٌ خَاصَّةٌ مَوْضُوعَةٌ فِي كُتُبِ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا إذَا حَصَلَتْ مَعَ الْبَخُورِ الْخَاصِّ وَاللِّبَاسِ الْخَاصِّ عَلَى الَّذِي يُبَاشِرُ الْبَخُورَ، وَمَعَ الْأَفْعَالِ الْخَاصَّةِ الَّتِي اسْتَوْعَبُوا فِي كُتُبِهِمْ اشْتِرَاطَهَا كَانَتْ رُوحَانِيَّةُ ذَلِكَ الْكَوْكَبِ مُطِيعَةً لَهُ وَكَذَلِكَ يَكُونُ كُلُّ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْجَانِّ مُطِيعًا لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ لِلْكَوَاكِبِ إدْرَاكَاتٍ رُوحَانِيَّةً فَإِذَا قُوبِلَتْ الْكَوَاكِبُ أَوْ مُلُوكُ الْجَانِّ بِبَخُورٍ خَاصٍّ وَلِبَاسٍ خَاصٍّ عَلَى الَّذِي يُبَاشِرُ الْبَخُورَ وَرُبَّمَا تَقَدَّمَتْ مِنْهُ أَفْعَالٌ خَاصَّةٌ مِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ فِي الشَّرْعِ كَاللِّوَاطِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ كُفْرٌ صَرِيحٌ كَالسُّجُودِ لِلْكَوَاكِبِ أَوْ مَلِكِ الْجِنِّ وَكَذَلِكَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي يُخَاطِبُ بِهَا الْكَوَاكِبَ أَوْ مَلِكَ الْجِنِّ مِنْهَا مَا هُوَ كُفْرٌ صَرِيحٌ كَنِدَائِهِ بِلَفْظِ الْآلِهِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا هُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ عَلَى قَدْرِ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ الْمَوْضُوعَةِ فِي كُتُبِهِمْ، وَالْغَالِبُ عَلَيْهِمْ الْكُفْرُ فَلَا جَرَمَ لَا يَشْتَغِلُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ مُفْلِحٌ قَالَهُ الْأَصْلُ، وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
٢ -
(خَاتِمَةٌ) أَسْأَلُ اللَّهَ حُسْنَهَا فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ قَالَ الْبَاجِيَّ قَدْ ذَكَرَ النَّاسُ فِي أَمْرِ الْعَيْنِ وُجُوهًا أَصَحُّهَا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَجْرَى الْعَادَةَ عِنْدَ تَعَجُّبِ النَّاظِرِ مِنْ أَمْرٍ وَنُطْقِهِ دُونَ أَنْ يُبَرِّكَ أَنْ يَمْرَضَ الْمُتَعَجَّبُ مِنْهُ أَوْ يَتْلَفَ أَوْ يَتَغَيَّرَ؛ لِأَنَّ الْعَائِنَ إذَا بَرَّكَ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ بَطَلَ الْمَعْنَى الَّذِي يَخَافُ مِنْ الْعَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ فَإِنْ لَمْ يُبَرِّكَ أَوْقَعَ اللَّهُ مَا أَجْرَى بِهِ الْعَادَةَ عِنْدَ ذَلِكَ وَقَدْ يَتَلَافَى ذَلِكَ بَعْدَ وُقُوعِهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْبَارِي سُبْحَانَهُ هُوَ الْخَالِقُ لِمَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَيْسَ فِيهَا حَرَكَةٌ، وَلَا سَكْنَةٌ، وَلَا كَلِمَةٌ، وَلَا لَفْظَةٌ إلَّا سُبْحَانَهُ خَالِقُهَا فِي الْعَبْدِ وَهُوَ مُقَدِّرُهَا