شُرُوطٌ قَطْعًا كَسَائِرِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ فَإِنْ كَانُوا قَدْ تَرَكُوهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ فَأَسْبَابُ التَّوَارُثِ مَعْلُومَةٌ أَيْضًا فَالصَّوَابُ اسْتِيعَابُ الثَّلَاثَةِ كَسَائِرِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَإِنْ قَالُوا لَا شُرُوطَ لِلتَّوَارُثِ بَلْ أَسْبَابٌ وَمَوَانِعُ فَقَطْ فَضَوَابِطُ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَوَانِعِ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ الْفُضَلَاءُ: إذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الْحَقَائِقِ فَحَكِّمُوا الْحُدُودَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِي الْفُرُوقِ أَنَّ السَّبَبَ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَالشَّرْطُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ وَالْمَانِعُ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ، وَلَا عَدَمٌ فَبِهَذِهِ الْحُدُودِ وَالضَّوَابِطِ يَظْهَرُ أَنَّ لِلتَّوَارُثِ شُرُوطًا وَهَا أَنَا أَذْكُرُهَا عَلَى هَذَا الضَّابِطِ فَأَقُولُ: شُرُوطُ التَّوَارُثِ ثَلَاثَةٌ كَالْأَسْبَابِ تَقَدُّمُ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ عَلَى الْوَارِثِ، وَاسْتِقْرَارُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَهُ كَالْجَنِينِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (وَهَا أَنَا أَذْكُرُهَا عَلَى هَذَا الضَّابِطِ فَأَقُولُ: شُرُوطُ التَّوَارُثِ ثَلَاثَةٌ كَالْأَسْبَابِ تَقَدُّمُ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ عَلَى الْوَارِثِ، وَاسْتِقْرَارُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَهُ كَالْجَنِينِ) قُلْت: لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْمَوْرُوثِ وَجَعْلِهِ شَرْطًا، وَحَيَاةُ الْوَارِثِ بَعْدَهُ شَرْطًا آخَرَ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَوْتُ الْمَوْرُوثِ بِنَفْسِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَارِثِ شَرْطًا لِامْتِنَاعِ تَوْرِيثِ مَنْ يَتَعَذَّرُ الْعِلْمُ فِيهِمَا بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَلِصِحَّةِ التَّوْرِيثِ بِالتَّعْمِيرِ فِي الْمَفْقُودِ بَلْ الصَّحِيحُ أَنَّ شَرْطَ الْإِرْثِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْعِلْمُ أَوْ الْحُكْمُ بِحَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ وَبِنِسْبَتِهِ وَرُتْبَتِهِ مِنْهُ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
النَّارِ وَتُبَخَّرُ لَهُ وَالْأُخْرَى تُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَصُورَةُ كِتَابَةِ الْآيَاتِ وَالْجَدْوَلِ هَكَذَا {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا - وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: ٤٥ - ٤٦] ، {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين: ٣٦] ، {كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ} [الممتحنة: ١٣] وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ ضَبْطَهُ بِقَوْلِهِ brok٠٠٠٤-٠١٩٩-٠٠٠١.jpg:
وَإِنْ تُرِدْ لِجَدْوَلِ السَّلَّالَةِ ... فَخُذْهُ بِالنَّظْمِ وَعِ الْمَقَالَةِ
مُجَدْوَلٌ مُسَبَّعٌ بَعْدَ الْآيَاتِ ... مُعَمَّرٌ بِذِي الْحُرُوفِ بِالثَّبَاتِ
فَجّ شث ظخز بِصَدْرِ أَوَّلٍ ... وَابْدَأْ بِثَانِيهَا وَاخْتِمْ بِأَوَّلِ
وَانْحَ لِذَاكَ النَّحْوِ حَتَّى تَنْتَهِيَ ... بُيُوتُهُ فَخُذْ لِذَا النَّظْمِ الشَّهِيِّ
قَالَ الْأَصْلُ وَلِلْأَوْفَاقِ كُتُبٌ مَوْضُوعَةٌ لِتَعْرِيفِ كَيْفَ تُوضَعُ حَتَّى تَصْبِرَ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ مِنْ الِاسْتِوَاءِ، وَهِيَ كُلَّمَا كَثُرَتْ كَانَ وَضْعُهَا أَعْسَرَ، وَالضَّوَابِطُ الْمَوْضُوعَةُ لَهَا حَسَنَةٌ نَفِيسَةٌ لَا تَتَخَرَّمُ إذَا عُرِفَتْ أَعْنِي فِي صُورَةِ الْوَضْعِ، وَأَمَّا مَا يُنْسَبُ إلَيْهَا مِنْ الْآثَارِ فَقَلِيلَةُ الْوُقُوعِ أَوْ عَدِيمَتُهُ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ الشَّاطِّ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ وَتَبِعَهُ ابْنُ زِكْرِيٍّ فِي شَرْحِ النَّصِيحَةِ وَكَذَا الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى نَظْمِهِ رُشْدِ الْغَافِلِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ بَعْدُ وَلِشِفَاءِ مَنْ فُعِلَ بِهِ الْمَصُّ لِلدَّمِ وَالنَّزْعُ لِلْقَلْبِ الْمُسَمَّى بِالسَّلَّالَةِ تُكْتَبُ هَذِهِ الْآيَاتُ وَالْجَدْوَلُ بَعْدَهَا إلَخْ وَلِلْمُعَاصِرِ الْفَاضِلِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ مِنْ أَبْيَاتٍ نَظَمَهَا فِي مُسَبَّعِ السَّلَّالَةِ قَوْلُهُ:
هَذَا سَبْعٌ لِسِحْرٍ دَافِعٍ ... وَأَنَّهُ فِي بَابِهِ لِنَافِعٍ
يُعْرَفُ عِنْدَ عُلَمَاءِ السِّرِّ ... مُسَبَّعُ السَّلِّ مُفِيدُ الضُّرِّ
وَهُوَ مُجَرَّبٌ فَقَدْ جَرَّبْتُهُ ... وَنَفْعُهُ إذْ ذَاكَ قَدْ وَجَدْته
وَكَيْفَ لَا وَهُوَ كَلَامٌ طَيِّبٌ ... وَالْعُلَمَا فِي أَخْذِهِ قَدْ رَغِبُوا
وَفِيهِ أَسْمَاءٌ لِمَوْلَانَا عَلَا ... يَحْصُلُ نَفْعُهَا لِمَنْ ذَا اسْتَعْمَلَا
وَنَفْعُهُ اشْتَهَرَ فِي بِلَادِي ... وَطَنِنَا مِنْ حَاضِرٍ وَبَادِي
وَهُوَ مُضَافٌ لِكَلَامِ اللَّهِ ... فِي خَمْسِ آيَاتٍ عَلَى تَنَاهِي
تُنَاسِبُ الدَّفْعَ لِكُلِّ شَرٍّ ... لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ شَرَّ السِّحْرِ
وَأَفَادَنِي أَنَّ شَيْخَ أَشْيَاخِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدَ الْخَلِيفَةَ ابْنَ الشَّيْخِ سَيِّدِي الْمُخْتَارِ الْكَنَّتَيْ فِي كِتَابِهِ الطَّرَائِفِ اعْتَرَضَ قَوْلَ الْأَصْلِ أَوْ عَدِيمَتَهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالتَّجْرِبَةِ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ فَقَلِيلَةُ الْوُقُوعِ فَغَيْرُ بَعِيدٍ لِفَقْدِ شَرْطِهَا فِي النَّاسِ وَهُوَ التَّقْوَى أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ الشَّرْطُ فَتَحَقُّقُ الْمَشْرُوطِ ضَرُورِيٌّ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(الْوَصْلُ الْخَامِسُ) الطَّلْسَمَاتُ حَقِيقَتُهَا نَقْشُ أَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْأَفْلَاكِ وَالْكَوَاكِبِ عَلَى زَعْمِ أَهْلِ الطَّلَاسِمِ فِي جِسْمٍ مِنْ الْمَعَادِنِ أَوْ غَيْرِهَا تَحْدُثُ بِهَا آثَارٌ خَاصَّةٌ رُبِطَتْ بِهَا فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ قُوَّةِ نَفْسٍ صَالِحَةٍ لِهَذِهِ الْأَعْمَالِ فَلَيْسَ كُلُّ النُّفُوسِ مَجْبُولَةً عَلَى ذَلِكَ بَلْ بَعْضُ النَّاسِ لَا تَجْرِي الْخَاصِّيَّةُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى يَدِهِ فَلَا بُدَّ فِي الطَّلْسَمِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ