وكل من هذين الموقفين خطأ وسوء طبع ومرض شديد، ففي حال المحنة أو النقمة يجب على الإنسان الصبر وطلب الفرج والرّضا بالقضاء والقدر، لأن الصبر مفتاح الفرج، وفي حال النعمة يلزمه الشكر والاعتراف بالجميل والوفاء بالمعروف، لأن بالشكر تدوم النّعم، وبالحمد لله والتفويض له يظهر الإيمان، ويتم الإحسان.
ثم استثنى الله تعالى من جنس الإنسان إذا ساء طبعه غالبا جماعة تميّزوا بالصبر على الشدائد والمكاره، كالجهاد والفقر والمصيبة، وعملوا الأعمال الصالحة، أي الأفعال الطيبة المفيدة، كأداء الفرائض وشكر النعمة، وعمل الخير والإحسان للناس، والتّقرب إلى الله بصالح الأعمال، أولئك لهم مغفرة لذنوبهم بسبب عملهم الصالح أو بصبرهم على الضرّ، ولهم ثواب كبير في الآخرة على ما عملوا من أعمال الخير، وما أسلفوا في زمن الرخاء، وأقل مراتب هذا الثواب الظفر بالجنة.
كل هذا يذكرنا بأن الإنسانية السّوية والأصول الرشيدة تقتضي من كل إنسان الصبر عند الشدائد ومثابرة عبادة الله، والشكر عند النعم، حتى لا يتعرض المرء للسخط الإلهي أو العذاب الرّبّاني. والذي يحمل على الصبر هو حبّ الله وخوف الدار الآخرة. والعمل الصالح لا ينفع إلا مع هداية وإيمان.
[تحدي العرب بالقرآن]
وقف العرب في مكة من القرآن والنبي ودعوة الإسلام موقف المعاند والمكابر، وحاولوا أن يدافعوا عن أنفسهم بأساليب ملتوية، والمطالبة بأمور تعجيزية غير مقنعة ولا متفقة مع أصول المنهج العقلاني أو الخصام السياسي الشريف، وتجاوز التمرد