للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشاعر مرهفة وأحاسيس صادقة، ويا ليتكم تشعرون بهذا الشعور، وتعلمون أن حسابهم على ربّهم، لما عيّرتموني بصنائعهم. والقصد من ذلك: الإنكار عليهم بتسمية المؤمنين أراذل، بسبب الفقر ودنوّ الصنعة.

وليس من شأني طرد هؤلاء المؤمنين الضّعفاء من مجلسي، وإنما بعثت نذيرا واضح الإنذار، فمن أطاعني كان مني وأنا منه، شريفا كان أو وضيعا. فلجأ القوم إلى التهديد قائلين: لئن لم تنته يا نوح عن دعوتك إيانا إلى دينك، لنرجمنّك بالحجارة، أي القتل بها.

فقال نوح: يا ربّ، إن قومي كذّبوني في دعوتي إياهم إلى الإيمان بك، فاحكم بيني وبينهم حكما عدلا، تنصر به أهل الحق، وتدفع الباطل وتبيده، ونجني من العذاب، مع من آمن برسالتي، وصدّق بدعوتي.

فأجاب الله دعاءه، وأنجاه مع من آمن بدعوته، وأنقذهم بالسفينة المملوءة بالناس، والمتاع، وأصناف الحيوان، حفاظا على أصول النوع الحيواني. وكان النّاجون ثمانين، أربعين رجلا، وأربعين امرأة.

إن في إنجاء المؤمنين، وإغراق الكافرين، لعبرة وعظة لكل من صدّق أو كذّب بالرّسل. وإن ربّك لهو القويّ الغالب المنتقم ممن كفر به، وخالف أمره، الرّحيم بمن أطاعه وأناب إليه، فلا يعاقبه.

دعوة هود عليه السّلام

تشابهت دعوة هود مع دعوة نوح عليهما السّلام، إلى عبادة الله وحده، وتقواه وإطاعته، والتّهديد بسوء العاقبة والمصير، إن كذّبوه وعارضوه، وانفرد هود عليه السّلام بالتّنديد بجبروت قومه، واعتمادهم على المصانع والمباني الموهمة بالخلود.

<<  <  ج: ص:  >  >>