للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم مثلما يقول لك هؤلاء، من الأقوال الجارحة المؤلمة، فامض لأمر الله تعالى، ولا يهمك شأنهم، وربك بالمرصاد، فهو غفار ستّار لمن تاب إليه وآمن به إيمانا صحيحا، ومعاقب بعقاب مؤلم شديد لمن استمر على كفره، ومات على ضلاله كافرا لم يتب. قال ابن عطية: وفي هذه الكلمات الموجزات جمّاع الزجر والنهي والموعظة، وإليها يرجع كل نظر.

[القرآن العربي شفاء وهدى]

أكد الله تعالى على أن القرآن الكريم كله عربي اللسان، فصيح البيان، ليس مختلطا بين العربية والأعجمية، ليؤدي مهمته على أكمل وجه، فهو هداية للحيارى، وشفاء لما في الصدور، مما قد يكون فيها من وساوس وشبهات وضلالات، وليس محلا للخلاف أو الاختلاف، وهكذا شأن جميع الكتب السماوية، فهذا كتاب موسى- التوراة نزل وحدة متناسقة، ومع ذلك وقع الاختلاف فيه وفي القرآن، من قبل المكذبين بهما وهم اليهود وغير المؤمنين، ولكن وبال التكذيب على أصحابه، والإنسان ولي نفسه، فمن آمن وعمل صالح الأعمال حقق الفوز والنجاة لنفسه، ومن أساء الاعتقاد والعمل، أتى بالضرر على نفسه، وليس الله تعالى بظلام لأحد، وهذا ما أبانته الآيات القرآنية الآتية:

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٤٤ الى ٤٦]

وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٤٤) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)

«١» «٢»


(١) أي ثقل في السمع وصمم عن الحقيقة مانع من السمع، وهذا مجاز، فإنهم بتركهم فهم القرآن كانوا كالطرشان.
(٢) أي معمى، وهذا أيضا مجاز، فإنهم لما لم يفهموا القرآن، لتعاميهم عن آياته، جعلوا كالعميان.

<<  <  ج: ص:  >  >>