لتأليف نفوسهم النافرة واضطرابهم مع أنبيائهم، ثم حضهم على الاستقامة والصلاح، مذكرا إياها بأن الله تعالى ناظر كيف تعملون، ومجازيكم على عملكم:
إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
إن موسى أراد من قومه شد عزائمهم على الشكر عند النعمة، وزوال النقمة، وتدريبهم على تحمل ألوان المشاق والمعاناة، وممارسة أعمال الطاعة، والاتكال على الله وحده. ولكن القوم ضجروا وتبرموا وأتعبوا موسى تعبا شديدا، وبالرغم من ذلك فقد تحقق ما وعدهم به موسى، وأغرق الله فرعون وقومه، وكانوا هم الخلفاء على أرض الفراعنة في زمن داود وسليمان، إلا أنهم عادوا إلى العصيان والعناد، والتضجر من موسى عليه السلام، فعوقبوا بألوان مختلفة من العقاب، كما يبين في الآيات التالية.
[الآيات التسع]
يتميز التشريع الجزائي الإلهي بأنه يرسل الإنذارات أولا، ليراجع الناس حساباتهم ويصلحوا أعمالهم من قريب دون تماد في البغي والعدوان والمخالفة والعصيان، فإذا استبد العناد بالقوم، وظهر منهم التعنت والتحدي لرسالات الأنبياء، ولم يبق أمل في إصلاحهم وإنما تحقق اليأس منهم، فإن الله ينزل بهم العقاب الصارم أو الاستئصال جزاء بما كسبوا، وزجرا لهم وردعا لأمثالهم. وقد أرسل الله تعالى تسع آيات مع موسى عليه السلام إلى فرعون وملئه لعلهم يرجعون عما هم فيه من جحود وعناد، فقال الله تعالى: