به إليك من ربّك الذي لا إله إلا هو، واعف عن المشركين وأعرض عنهم واصفح، حتى يفتح الله عليك وينصرك عليهم، واعلم أنه إلى الله المرجع والمآب.
ثم أبان الله حقيقة أبدية ثابتة، وهي أن كل شيء في هذا الكون إنما يحدث بإرادة الله ومشيئته، ولا يقع شيء في ملكوت الله جبرا عنه، فلو شاء الله ما أشرك المشركون، بل لله المشيئة المطلقة فيما يشاؤه ويختاره، لا يسأل عما يفعل، وهم يسألون، له الحكمة في ظهور الضّلال والشّرك، ولو شاء لهدى الناس جميعا، بأن يخلقهم مستعدين للإيمان، لكنه خلقهم مستعدين للكفر، وترك لهم حرية الاختيار في أعمالهم. ولا يصحّ للمشركين أن يزعموا أن إشراكهم وغيره وقف على مشيئة الله عزّ وجلّ، فهم لا يعرفون مشيئة الله، وعليهم أن يعملوا بما أمرهم الله به من التوحيد والعبادة الخالصة لله، فإن قصروا في هذا، كانوا محاسبين مسئولين عنه.
وهناك حقيقة أخرى تتعلق بالنّبي وهي أنه لا سلطان له على قهر أحد من الناس وجبره على الدخول في الإسلام، فما جعلناك أيها النّبي حافظا تحفظ أقوال الناس وأعمالهم، وما أنت بموكل على أرزاقهم وأمورهم والتصرف في قضاياهم، ولست عليهم بمسيطر، وليس لك صفة الملوك القاهرين، بل أنت بشير ونذير، والله يجازيهم ويحاسبهم.
المنع من سبّ الأصنام والأوثان
إن توجيه القرآن العظيم في غاية الإحكام والإتقان، والنظر إلى آفاق المستقبل نظرة فاحصة عميقة بعيدة عن التّعصب، تقدر النتائج بالتقدير السليم البعيد عن مضاعفة المشكلات، وتسدّ كل الذرائع والوسائل المؤدّية إلى الضلالات واتّباع الأهواء والشهوات. والمثل الرائع لهذا: هو النّهي عن سبّ الأصنام والأوثان والمنع منه،