للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل الله لأنهم أقدر على المكر والخداع وترويج الباطل بين الناس بحكم نفوذهم وسيادتهم وسيطرتهم. وهذه الآية تتضمن إنذارا بفساد حال الكفرة.

وهكذا يثور في كل وقت الصّراع بين الحق والباطل، وبين الإيمان والكفر، ولكل اتّجاه أعوانه وأنصاره، وسادته وكبراؤه، ولكن ما يمكر هؤلاء الأكابر المجرمون المعادون للرّسل إلا بأنفسهم لأن وبال مكرهم عليهم، وعاقبة إفسادهم تلحق بهم، لكنهم عديمو الشعور والإحساس الصادق، فما يعلمون حقيقة أمرهم.

ويستمر النّزاع بين أهل الإيمان والخير، وبين أهل الكفر والشّر، وهذه هي نظرية تنازع البقاء وبقاء الأصلح، والعاقبة والنصر للمؤمنين في النهاية، كما قال الله تعالى: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرّعد: ١٣/ ١٧] .

وواقع هؤلاء الضّالّين أسوأ من البهائم، فإن البهائم تعلم علوم الحسّ، وأما الضّالّون فهم مغرقون في الجهل لا يدركون الحقيقة، وكأن الذي لا يشعر نفي عنه أن يعلم علم حسّ. إن الذين مكروا وضلّوا حفاظا على مراكزهم ونفوذهم، لم يشعروا بأن عاقبة مكرهم تحيق بهم، لجهلهم بسنن الله في خلقه، كما قال الله سبحانه:

وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر: ٣٥/ ٤٣] .

مطالبة المشركين بالنّبوة

النّبوة أو الرّسالة إنما تمنح لمن هو مأمون عليها وموضع لها، وأقدر على تحمل أعبائها، وليست هي مثل مناصب الدنيا التي تعتمد على الشهرة والنفوذ، والسلطة والجاه أو المال، أو النّسب، أو كثرة الأعوان والأولاد.

ولقد استبدّ الغرور والشّطط بمشركي مكة، فأرادوا أن تكون لهم النّبوة والرسالة، وأن يكونوا متبوعين سادة، لا تابعين، وقالوا: لولا نزّل هذا القرآن على

<<  <  ج: ص:  >  >>