للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوراة، والتي كان قد ألقاها من شدة الغضب على عبادة قومه العجل، غيرة لله وغضبا له، ففي تلك الألواح هداية للحيارى، ورحمة بالعصاة المذنبين التائبين الذين يخافون من ربهم أشد الخوف على ما يصدر منهم من ذنوب، ويخشون عذابه وحسابه، وقوله تعالى: لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ حيث عدّى يَرْهَبُونَ باللام والأصل أن يقال: يرهبون ربهم، لأنه ضمن الرهبة معنى الخضوع.

ذكر ابن عباس: أنه لما تكسرت الألواح، صام موسى أربعين يوما، فردّت عليه، وأعيدت له تلك الألواح في لوحين، ولم يفقد منها شيئا. قال القشيري: فعلى هذا:

وَفِي نُسْخَتِها هُدىً أي وفيما نسخ من الألواح المتكسرة، ونقل إلى الألواح الجديدة هدى ورحمة.

[مناجاة موسى عليه السلام ربه]

إن كل عجيب وفريد يهتز الإنسان له ويطرب لمعرفته، ومن أعاجيب ما حدث في التاريخ مناجاة موسى عليه السلام ربه وتكليمه إياه مباشرة دون واسطة، وقد سجّل القرآن العظيم تفاصيل هذا الحدث البارز وما دار فيه من حوار بين الحق سبحانه وتعالى وبين أحد الرسل أولي العزم ألا وهو موسى عليه السلام، وهذا هو الحدث.

قال الله تعالى:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٥٥ الى ١٥٦]

وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (١٥٥) وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ (١٥٦)

«١» «٢»


(١) الزلزلة الشديدة أو الصاعقة.
(٢) محنتك واختبارك.

<<  <  ج: ص:  >  >>