ومثل ذلك الجزاء الذي نزل بالظالمين من بني إسرائيل في الدنيا، نجزي القوم المفترين على الله في كل زمان، والمعنى: أن كل مفتر في دين الله جزاؤه غضب الله والذلة في الدنيا، ويشمل ذلك كل من افترى بدعة تصادم أصول الدين، وتخالف هدي الله وإرشاده، قرأ أبو قلابة الجرمي هذه الآية: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ فقال: هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة.
ويمتاز أسلوب القرآن في الجمع بين الأشياء المتضادة في وقت واحد، قارنا بين الترغيب والترهيب في مقام واحد، فناسب هنا أنه تعالى بعد أن ذكر جزاء الظالمين، فتح باب الأمل والتوبة والإصلاح أمام التائبين، فنبه الله تعالى عباده وأرشدهم إلى أنه يقبل توبتهم من أي ذنب كان، حتى ولو كان الذنب كفرا أو شركا أو نفاقا أو شقاقا ونزاعا، فقال سبحانه: وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ أي إن الذين ارتكبوا الأعمال السيئة والمعاصي المنكرة شرعا، وعلى رأسها الكفر والشرك، ثم تابوا، أي رجعوا من بعدها إلى الله، بأن آمن الكافر، وأقلع العاصي عن عصيانه، واستقام المؤمن على منهج ربه، وآمنوا إيمانا خالصا من الشوائب، وقرنوا الإيمان بالعمل الصالح، إن ربك أيها النبي من بعد تلك الفعلة القبيحة لغفور لهم، ستار لذنوبهم، رحيم بهم، يجزي بالحسنة عشر أمثالها، ويكافئ على القليل بالجليل الكثير. وهذا دليل واضح على أن جميع السيئات قابلة للغفران بالتوبة النصوح.
ثم تحدث القرآن العظيم عن حال موسى وهدأته من غضبه، فذكر أنه لما سكن غضب موسى على قومه، وهدأت نفسه بتوبة أكثر قومه، أخذ الألواح التي كتبت فيها