للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربه للجبل، جعله ترابا مدكوكا، وسقط موسى مغشيا عليه، فلما أفاق من إغماءته وغشيانه أو صعقته، قال: سبحانك، أي تنزيها وتعظيما وإجلالا أن يراك أحد في الدنيا إلا مات. إني تبت إليك من التعجيل في طلب الرؤية، وأنا أول المؤمنين أنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة. وامتناع رؤية الله هو في الدنيا، أما في الآخرة فالراجح أن رؤية العباد لربهم في الآخرة ممكنة وجائزة.

والموضوع الرابع- إنزال التوراة: قال الله لموسى: يا موسى إني اخترتك على ناس زمانك، وآثرتك عليهم بتكليمي إياك وبإعطائك رسالاتي المتنوعة، فخذ ما أعطيتك من الشريعة وهي التوراة، وكن من جماعة الشاكرين نعمي. وكتبت لك في ألواح التوراة التي أعطيتها إياك المواعظ وتفاصيل الأحكام المبينة للحلال والحرام وأصول العقيدة والآداب، وكانت هذه الألواح أول ما أوتيه موسى من التشريع. والموعظة:

تشمل كل ما يوجب الرغبة في الطاعة والنفرة من المعصية. والتفصيل: بيان أقسام الأحكام. فخذ يا موسى هذه الأحكام بقوة وجد وعزيمة، وأمر قومك يأخذوا بأحسنها، أي يعملوا بالأوامر ويتركوا النواهي، ويتدبروا الأمثال والمواعظ، سترون دار الفاسقين، أي عاقبة من خالف أمري، وخرج عن طاعتي، وكيف يصير إلى الهلاك والدمار.

[الصرف عن آيات الله]

العقيدة المقررة في الإسلام أن الله تعالى يهدي إلى الخير والرشد، ويحذر من سلوك طرق الغواية والشر، ولا يمنع أحدا من خير وهداية، ولا يرضى لعباده الكفر والفحشاء، وإنما الناس هم الذين يختارون الإيمان والتزام الاستقامة، ويقدمون على الكفر والانحراف والمخالفة بعقولهم وإرادتهم. فإن تكبّر الجاحدون والعصاة عن امتثال

<<  <  ج: ص:  >  >>