ذلك اليوم بين يدي الأصنام تبركا بها، ليأكلوها بعد عودتهم من العيد، فانقضّ عليهم إبراهيم ضربا بذلك القدوم، وهشّمها، حتى أفسد أشكالها كلها، حاشا الكبير، فإنه تركه بحاله، وعلّق القدوم في يده، وخرج عنها، لعل هؤلاء الوثنيين يرجعون إلى الكبير الذي يلجأ إليه عادة، وقد علّق القدوم في يده، فيتبين لهم أنه عاجز لا يستطيع فعل شيء، وأنهم بعبادة الأصنام مغرورن جاهلون.
وقوله تعالى: فَجَعَلَهُمْ ونحوه من الكلام الذي يخاطب به العقلاء: معاملة للأصنام بحال من يعقل، من حيث كانت تعبد، وتنزل منزلة من يعقل. وضمير لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ الأظهر أنه عائد على إبراهيم عليه السلام، أي فعل هذا كله توخيا منه أن يعقب ذلك منهم رجعة إليه وإلى شرعه، ويحتمل كما تقدم عودة إلى الكسر المتروك، أو إلى الصنم الأكبر.
[الحوار الحاد بين إبراهيم وقومه بعد تكسير الأصنام]
من الطبيعي أن يغضب قوم إبراهيم عبدة الأصنام على ما حدث من كارثة تكسير الأصنام التي يعتقدون أنها الآلهة، ويعبدونها من دون الله، فجاءوا إلى إبراهيم الخليل عليه السلام حاقدين غائظين، ليسألوه عن حقيقة الأمر، ولإنكار ما حدث، والانتقام مما وقع، وهذا موقف في غاية الحرج والضيق من قوم عتاة، لكنهم سذّج بسطاء، وجهلة حمقى. تصوّر لنا هذه الآيات الكريمة هذا المشهد في جو من النقاش المتأزم، والحوار الساخن، قال الله تعالى: