فمن كان قد آمن، وتوقع الثواب والخير في الآخرة، وعمل الصالحات، فإن الله سيحقق له رجاءه، ويوفيه كاملا غير منقوص، لأن الأجل الذي حدده الله للبعث والمعاد آت لا ريب فيه، والله سميع الدعاء وأقوال العباد، عليم بصير بكل الكائنات، يعلم بكل ما قدموا، ويجازي كل واحد بما عمل، فمن كان على الحق فليوقن بأنه آت، وليزدد بصيرة.
ومن جاهد نفسه وهواه، فقام بالأوامر، واجتنب النواهي، فإن ثمرة جهاده عائدة له، ونفع عمله راجع لنفسه لا لغيره. وهذا إعلام بأن كل أحد مجازي بفعله الحسن، وأن نفع الطاعة للإنسان ذاته لا لله تعالى، لأن الله غني عن جميع العالمين من إنس وجنّ، لا تنفعه طاعة، ولا تضّره معصية.
ثم أخبر الله تعالى عن ثواب المؤمنين المجاهدين الذين هم في أعلى رتبة، وهو أحسن الجزاء: يكفر عنهم أسوأ الذي عملوا، ويجزيهم أجرهم بأحسن ما عملوا، فيقبل القليل من الحسنات، ويثيب على الحسنة بعشرة أمثالها. والسيئة: الكفر وما اشتمل عليه، وكذلك معاصي المؤمنين مع الأعمال الصالحة واجتناب الكبائر. وقوله تعالى: وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ معناه على حذف مضاف تقديره: ثواب أحسن الذي كانوا يعملون. ويدخل في ذلك ثواب الحسن، بإخراج كلمة (أحسن) عن بابها من التفضيل، فليس المراد بها هنا كونها أفعل تفضيل، وإنما المراد أنهم يجزون ثواب الأحسن والحسن. فيكون الجزاء على حسن الأعمال، وأن الحسنة تمحو السيئة.
[وصايا أهل الإيمان]
في مجال الاختبار والامتحان يوصي الله تعالى المؤمنين بالإحسان إلى الوالدين، ويبشّرهم بالجنة إن هم أطاعوا، وصبروا على الأذى والفتنة، وفي الامتحان يتبين