لكن هناك شيئا أسمى وأخلد وأعظم من حب الأوطان وقتل الأنفس ألا وهو المحافظة على العقيدة والإيمان، وامتثال أوامر الرحمن، فإذا حدث تصادم أو تعارض بين ما يقتضي البقاء في الوطن، وبين التخلي عن أوامر الله، والعجز عن إقامة وتطبيق شعائر الله، كان تقديم ما يؤدي للحفاظ على الشعائر وأمور الدين أولى وأوجب، قال الله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩)[النساء: ٤/ ٩٧- ٩٩] . وإذا كان الواجب هو الهجرة من الوطن إلا لعذر أمرا مقررا في شرع الله، فمن باب أولى يجب على المقيمين في بلاد أجنبية أن يعودوا إلى أوطانهم بمجرد الانتهاء من أعمالهم، أو تحقيق أهم مصالحهم وغاياتهم، وبخاصة إذا كانت هناك مضايقة في تطبيق أحد أحكام شرعهم ودينهم.
[قواعد القتال في الإسلام]
القرآن الكريم كتاب إلهي خالد شامل لكل ما يحتاجه الناس في حياتهم الدينية والاجتماعية والعلاقات الدولية، فإذا آثر الآخرون السلم والصلح والمهادنة فنحن مع السلم والعهد، وإذا اضطر المسلمون إلى الدفاع عن وجودهم وكرامتهم وبلادهم وجب عليهم أن يكونوا قدوة عالية في الانضباط وحب النظام وطاعة القائد، والتضحية والتفاني في سبيل الله والقيم العليا، ليعيشوا أعزة كراما وأحرارا مستقلين.
وقد علمنا القرآن الكريم أهم قواعد الحرب والقتال مثل أخذ الحذر والاحتراس من الأعداء، والاستعداد الدائم لملاقاتهم، وتعليم الجيل فنون الحرب والتدرب على