غريب أمر الإنسان، تراه مع غيره من الناس إذا قدّم له معروفا، أكبره وشكره، وتذلل بين يديه، ثم يحرص على رد الجميل ومكافأة المعروف إما بالهدية وإما بالثناء باللسان في المناسبات المختلفة على ملأ من الناس. لكن هذا الإنسان مع الأسف جحود للنعمة الإلهية، مع أنها أعظم وأدوم، وأبقى أثرا، ولا تحتاج إلا للإقرار بالنعمة والاعتراف بالمنعم وهو الله، وبمقابلة الفضل الإلهي بالإصغاء لأمر الله وطاعته، واجتناب نهيه ومعصيته، وفي الحالين من امتثال الأمر والبعد عن النهي، يعود أثر ذلك على الإنسان بالخير العميم والنفع التام، قال الله تعالى مبينا سوء حال الكافرين، وتنكرهم لفضل الله وإحسانه:
أخبر الله تعالى في هذه الآيات عن سوء أحوال الكافرين، وتقلب ابن آدم في أنه بعد الاستبشار بالمطر، إذا بعث الله ريحا ضارة، فاصفرّ بها النبات، ظل يكفر قلقا منه، وقلة توكل على الله، وعدم تسليم لله عز وجل، والمعنى: تالله لئن بعثنا ريحا سامة، حارة أو باردة، على نبات أو زرع أو ثمر، فرأى الناس ذلك الزرع قد اصفر،