تعرض النار على الكفار، أي يعذبون فيها،. فهو عرض بالمباشرة، فيقال لهم تقريعا وتوبيخا: استوفيتم لذاتكم في الدنيا، وتمتعتم بها، باتباع الشهوات واللذات، وصرفتموها في معاصي الله سبحانه، دون مبالاة بالذنب، ففي هذا اليوم تجازون بالعذاب الشديد الذي فيه مذلة وهوان، بسبب تكبركم عن عبادة الله، والإيمان به وتوحيده بغير حق، وخروجكم من طاعة الله إلى دائرة الفسق والفجور، فقد آثرتم اللذة الفانية على الدائمة.
و (الطيبات) : الملاذ. و (عذاب الهون) العذاب الذي اقترن به هوان، وهو عذاب العصاة المواقعين ما قد نهوا عنه، وهذا واضح في الدنيا، فعذاب المحدود في معصية، كالحرابة ونحوها مقترن بالهوان، وعذاب المقتول في حرب ليس فيه هوان. والهون والهوان: بمعنى واحد.
وهذه الآية، وإن كانت في الكفار، فهي رادعة لأولي العقل (النّهى) من المؤمنين، عن الشهوات واستكمال الطيبات. ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه: «أتظنون أنّا لا نعرف طيب الطعام؟ ذلك لباب (خالص) البر (القمح) بصغار المعزى، ولكنا رأينا الله تعالى نعى على قوم أنهم أذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا» . ذكر هذا في كلامه مع الربيع بن زياد.
العبرة من قصة هود عليه السّلام
لقد أورد القرآن الكريم أخبار مجموعة من قصص الأنبياء للعبرة والعظة، على النحو الجماعي والفردي. ومن هذه القصص قصة هود مع قومه عاد، وعاد قبيلة عربية من إرم، كانوا يسكنون الأحقاف: واد باليمن فيه منازلهم بين عمان ومهرة، والغاية من هذه القصة تذكير أهل مكة وأمثالهم، بقوم هود وما حل بهم، وقد كانوا