ويحجبه عن مؤمن، لحكمة بالغة، ومصلحة للعبد نفسه، كما قال الله تعالى: نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا [الزخرف: ٤٣/ ٣٢] . أي ليخدم بعضهم بعضا، وقال الله سبحانه أيضا: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (٢٧)[الشورى: ٤٢/ ٢٧] .
ثم أخبر الله تعالى أن التفضيل الأكبر والتفاوت الأعظم بين المؤمنين إنما يكون في الآخرة، فتكون الدرجات أكبر، والتباين أعظم، أخرج ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن قتادة قال:«إن بين أعلى أهل الجنة درجة، وأسفلهم، كالنجم يرى في مشارق الأرض ومغاربها» وكذلك التفاوت كبير بين أهل النار، فهم في دركات، بعضها أسفل من بعض، أي إن النار دركات، والجنة درجات، وفي الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين، كما بين السماء والأرض، قيل: وقد رضّى «١» الله الجميع، فما يغبط أحد أحدا، ولا يتمنى عن ذلك بدلا. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم» .
[التوحيد وبر الوالدين]
يعلّمنا القرآن الكريم الأدب الجم، والوفاء للجميل ورد المعروف، وتقدير النعمة، فليس هناك للإنسان مصدر للنعمة سوى الله تعالى، فهو المتفضل المحسن، والوالدان بحكم عاطفتهما يبذلان أقصى ما في وسعهما لتربية الأولاد والحفاظ على حياتهم وصحتهم، وإمدادهم بكل ما يحتاجون، حتى إن الوالدين يفضلان مصلحة