نطيق كالصلاة والصيام، والجهاد والصدقة، وقد أنزل الله هذه الآية ولا نطيقها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لهم: أتريدون أن تقولوا كما قالت بنو إسرائيل: سمعنا وعصينا؟
بل قولوا: سمعنا وأطعنا، فقالوها، فأنزل الله بعد ذلك: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها فكشف عنهم الكربة، وفرّج عنهم.
لقد ظن بعض الصحابة خطأ أن الله تعالى يحاسب العباد على الوساوس والخواطر التي لا يمكن للإنسان دفعها أو التخلص منها، فأنزل الله لهم بيانا نصا واضحا على حكمه أنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، والخواطر ليست مما يدخل في الوسع دفعها، فلا حساب عليها.
والواقع أن هذه الآية وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ليس المراد بها الحساب على الوساوس والخواطر، وإنما المقصود بها أن الله تعالى يعلم ويحاسب على ما استقر في النفوس من الخلق الراسخ الثابت كالحب والبغض، وكتمان الشهادة، وقصد الخير والسوء، مما هو مقدور للإنسان، وتكون آية لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
ليست ناسخة لهذه الآية، وإنما هي موضحة. والله تعالى يغفر لمن يشاء ذنبه، بتوفيقه إلى التوبة والعمل الصالح الذي يمحو السيئة، ويعذب من يشاء، لأنه لم يعمل خيرا يكفر عنه سيئاته، ولم يتب إلى الله، والله على كل شيء أراده قدير.
[أركان الإيمان]
تتردد كلمة الإيمان على بعض الألسنة دون بيان مضمونها أو تحديد عناصرها، فهناك إيمان أجوف فاقد المحتوى، وإيمان ناقص، وإيمان مشوّه، وإيمان سيء، وإيمان باطل قائم على الأوهام والخرافات كإيمان الوثنيين.