والغلوّ بهم إلى أن يزعموا أن القرآن افتراه محمد من عند نفسه، فكان القرآن يرصد لهم هذه المواقف الشاذة ويتحداهم بالقرآن أن يأتوا بمثله إن صدقوا في افترائهم وزعمهم الباطل أن القرآن كلام بشر.
وهذا تصوير لمواقف التّعنت والاستكبار عند مشركي قريش في الآيات التالية:
روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رؤساء مكة قالوا: يا محمد، اجعل لنا جبال مكة ذهبا إن كنت رسولا. وقال آخرون: ائتنا بالملائكة يشهدون بنبوّتك، فقال: لا أقدر على ذلك، فنزلت هذه الآيات.
ومن أسبابها أيضا أن كفار قريش قالوا: يا محمد، لو تركت سبّ آلهتنا وتسفيه آبائنا، لجالسناك واتّبعناك، وقالوا: ايت بقرآن غير هذا أو بدّله، ونحو هذا من الأقوال، فخاطب الله تعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم على هذه الصورة من المخاطبة، وردّ على أقوالهم مبطلا لها، وليس المعنى أنه صلّى الله عليه وسلّم هم بشيء من هذا، فزجر عنه، فإنه لم يرد قط ترك شيء مما أوحي إليه، ولا ضاق صدره، وإنما كان يضيق صدره بأقوالهم وأفعالهم وبعدهم عن الإيمان.
والمعنى: لعلك أيها الرسول تارك بعض ما يوحى إليك أن تلقيه إليهم، وتبلغه إياهم مخافة ردّهم له وتهاونهم به، بسبب تسفيه أحلامهم والتّنديد بعبادتهم الأوثان، وضائق به صدرك بأن تتلوه عليهم، أو لأجل أن يقولوا: لولا أنزل عليه كنز، أي لا