العقلي، والحجة والبرهان، لأنه ليس الهدف من تشريع الجهاد سفك الدماء، أو جلب الغنائم، وإنما المهم الوصول إلى الإيمان بالله وتوحيده، وترك الكفر والجحود، وإقرار السلم والأمن، ونشر ألوية الحرية، وتهيئة مناخ المعرفة والعلم، وإطلاق حرية الفكر والرأي. وهذا الاتجاه السلمي وإيثار الأمن والسلام وإعلان مبدأ التسامح والمحبة وترك التعصب والانغلاق بسبب أن هؤلاء المشركين قوم جهلة، لا يعلمون حقيقة الإسلام وما يدعو إليه، ومن جهل شيئا عاداه، فلا بد من إعطائهم الأمان حتى يسمعوا كلام الله، ويفهموا الحق الذي أنزله.
وهذه الآية آية منح الأمان لغير المسلمين ذات حكم عام تشمل جميع الأهداف الدينية والسياسية والتجارية، وتعلّم وسائل المعرفة والبراهين العلمية، والاسترشاد بالأدلة العقلية الناصعة.
[أسباب البراءة من عهود المشركين]
لا نجد في شرعة الإسلام أي حكم تشريعي غير قائم على أسس عقلية سليمة، وحجج منطقية رصينة، فالإسلام كله دين المنطق والعقل والحكمة، فهو حين يقرر حكما نجده منسجما مع الفطرة والأصول الفكرية والمنهجية السديدة، وحين يشتد أحيانا على قوم فبسبب ظلم هؤلاء الناس وخروجهم على مقتضى الحكمة والمصلحة، بل إنهم يعادون أنفسهم حين يتركون ما يسعدها، ويسيرون في فلك أهوائهم وشهواتهم حين يعطلون مفاتيح المعرفة والإدراك والحواس، لذا أبان القرآن أسباب إعلان البراءة من معاهدات المشركين، ورتّب على ذلك قتالهم، وتتلخص تلك الأسباب في تهورهم ومبادرتهم لنقض عهودهم، قال الله تعالى: