للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفريقين سواء في استحقاق العذاب، فمن آمن برسول وجب عليه الإيمان ببقية الرّسل لأن الإيمان ليس بحسب الهوى والمزاج، وإنما بحسب ما يرتضيه الله، ومن كان محبّا للناس، رحيما بهم، حرص على سعادتهم وإيمانهم، لإنقاذهم من العذاب.

ولا يتصور إيمان بالله، وكفر بالرّسل كلهم أو بعضهم.

وأما أهل الإيمان: فهم الذين صدقوا وآمنوا بالله ورسله، ولم يفرّقوا بين أحد من رسله إيمانا خالصا لله سبحانه، كما قال جلّ وعلا: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة: ٢/ ٢٨٥] .

هؤلاء المؤمنون الصادقون في إيمانهم الذين آمنوا بالله ورسله جميعا، ومنهم محمد صلّى الله عليه وسلّم، وعدهم الله تعالى وعدا قاطعا بجنان الخلد والرّضوان الإلهي، وسوف يؤتيهم ربّهم أجورهم كاملة يوم القيامة، وكان الله وما يزال غفورا لمن يأتي بهفوة مع الإيمان الصحيح، رحيما بعباده التائبين، حيث أرسل الله لهم الرّسل لهدايتهم، وقبلوا عن الله ما أراده وما وضعه لهم من مناهج الإيمان لتحقيق سعادتهم الأبدية.

تعنّت اليهود

التّعنّت والعناد شأن الذين يعرفون الحق والصواب، ثم يحيدون عنه، وهذا الوصف واضح في الكفار لا في المنافقين الجبناء الذين شأنهم التذبذب بين الكفر والإيمان دون استقرار على حال واحدة، فلا تعنّت عندهم، وإنما يوصفون بالاضطراب والقلق.

وقد حكى القرآن الكريم بعض أخبار أهل التّعنت والعناد، فقال الله تعالى:

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٥٣ الى ١٥٩]

يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً (١٥٣) وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (١٥٤) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥٥) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧)

بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٥٨) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (١٥٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>