الله على بشر من شيء) وقال بعضهم لمحمد عليه الصلاة والسلام: ما نعلم يا محمد أن الله أرسل إليك ولا أنزل عليك شيئا، فردّ الله عليهم بقوله: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً. كفى بشهادة الله وشهادة ملائكته على صدق إنزال القرآن على النّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، أنزله الله بعلمه الخاص الذي لا يعلمه سواه، كما قال سبحانه في مطلع سورة البقرة: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢)[البقرة: ٢/ ٢] . وهو الذي تحدى الله به البشرية أن يأتوا بمثله فعجزوا: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨)[الإسراء: ١٧/ ٨٨] . وقوله سبحانه: أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ دليل قاطع واضح على إثبات علم الله تعالى، فهو يعلم إنزال القرآن ونزوله، وعجيب قول المعتزلة: عالم بلا علم، ومعنى الآية عندهم:
أنزله مقترنا بعلمه، أي فيه علمه من غيبيات وأوامر ونحو ذلك، فالعلم عندهم:
عبارة عن المعلومات التي في القرآن.
[ضلال الكافرين وجزاؤهم]
ليس في هذا العالم بالنسبة للهدي الإلهي إلا طريقان: طريق الضلال والكفر، وطريق الهداية والإيمان، فمن سلك طريق الضلالة فقد رشده ودمر نفسه، ومن أخذ بطريق الهداية وآمن بما أنزل الله على رسله الكرام، سار في منهج صحيح، وأعمل عقله وفكره السوي، وأنقذ نفسه من أخطر العواقب الوخيمة.
وحرصا من الله تعالى على مصلحة عباده، وحبّا لهم وإرادة لجلب الخير لأنفسهم، أنذر الضّالين المنحرفين بالعذاب الشديد، ودعا إلى الإيمان الصحيح برسالة خاتم الأنبياء والمرسلين.