للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحياة الدنيا، وما نحن بمعذّبين، والكفار: هم كل من لم يؤمن بالله ربا واحدا لا شريك له، ولا ندّ له ولا نظير، وليس له والد ولا ولد، ولا يشبهه أحد من خلقه، وقد ردّ الله على هؤلاء الكفار جميعا بقوله تعالى مبينا جزاءهم في الآخرة.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١١٦ الى ١١٧]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١٦) مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧)

«١» «٢» [آل عمران: ٣/ ١١٦- ١١٧] .

ومعنى الآية: إن الكفار لن تجزي عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئا من الإجزاء يوم القيامة، قال تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ (٨٨) [الشعراء: ٢٦/ ٨٨] .

وفي آية أخرى قال تعالى: وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى. [سبأ:

٣٤/ ٣٧] .

وهؤلاء الكفار الذين لا تنفعهم أموالهم ولا أولادهم هم ملازمون للنار، لا ينفكون عنها، وماكثون فيها أبدا على الدوام، الله أعلم به.

ثم ضرب الله مثلا رائعا صور فيه الأموال التي ينفقها الكفار، ظانين أنها قربة وحسبة وعبادة، وهي في الواقع للرياء والسمعة والمفاخرة وكسب الثناء، أو للصد عن سبيل الله، مثل هذا المال الذي ينفقونه كمثل ريح فيها برد شديد أتت على الزرع، فأهلكت الأخضر واليابس. إن هذا المال أفسد عقولهم بما صرفهم عن النظر الصحيح والتفكير في عواقب الأمور، وإنهم مع إنفاقه ظلموا أنفسهم بمعاصي الله، فكانت النقمة إليه أسرع وفيه أقوى.


(١) الصر: البرد الشديد.
(٢) الحرث: إثارة الأرض للزرع، والمراد هنا فيها نبات مزروع أي زرعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>