هذه الآية نفي قاطع، وتنزيه واضح لله تعالى عن أمرين: هما اتخاذ الولد، واتخاذ الشريك، فلم يجعل الله لنفسه ولدا، كما زعم بعض المشركين، حين قالوا: الملائكة بنات الله.
ولم يكن مع الله إله آخر يشاركه في الألوهية أو العبادة، لا قبل خلق العالم، ولا بعد خلقه، كما تصور الوثنيون، حين اتخذوا الأصنام آلهة. وقوله تعالى: وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ دليل التمانع، فلو افترض احتمال تعدد الآلهة، لانفرد كل واحد منهم بما خلق، واستقل بما أوجد، وتميز ملك كل واحد منهم عن ملك الآخر، لأن استمرار الشركة مستحيل، لأنه يكون همّ كل واحد منهم أن يغلب الآخر، ويطلب قهره والتسلط عليه، لإظهار قوة القوي على الضعيف، كما هو حال ملوك الدنيا.
ولو حدث هذا التغالب وانقسام السلطة، لاختل نظام الوجود، ولفسدت السموات والأرض ومن فيهن، كما قال الله سبحانه: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: ٢١/ ٢٢] . ولو اختلف إلهان في إدارة، فمحال نفوذهما، ومحال عجزهما، فإذا انفردت إرادة الواحد، فهو العالي، والآخر ليس بإله.
والمشاهد دقة نظام الكون وكماله وانسجامه، وارتباط العالم العلوي بالعالم السفلي دون تصادم ولا اضطراب، كما قال تعالى: ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ [الملك: ٦٧/ ٣] . وهذا دليل على وحدة الإله صاحب السلطان الواحد.
وقوله تعالى: إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ إذن: جواب لمحذوف تقديره لو كان معه إله إذن لذهب كل إله بما خلق.