الهم والقلق، ثم ينفقونها كارهين في الجهاد والزكاة وتقوية غيرهم وكذلك أولادهم ربما كانوا سبب ألم وكرب، وفي الآخرة يعذبون عذابا شديدا، حيث تزهق أنفسهم أي يموتون على الكفر الذي يحبط العمل الصالح، وتكون النتيجة أنهم خسروا الدنيا والآخرة، والحال أنهم ماتوا وهم كافرون، وذلك هو الخسران المبين. فما يظن المنافقون في صدر الإسلام أنه من منافع الدنيا هو في الحقيقة سبب لعذابهم وبلائهم.
والخلاصة: إن النفاق مرض خطير جالب لجميع الآفات في الدين والدنيا ومبطل لجميع الخيرات فيهما، وإن أفعال الكافر والمنافق إذا كانت برّا كصلة الرحم وإطعام الفقير والمسكين وإغاثة المظلوم ينتفع بها في الدنيا، فترد عنه بعض المصائب، أما أن ينتفع بها في الآخرة فلا دليل عليه،
قالت عائشة أم المؤمنين للنبي صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله، أرأيت عبد الله بن جدعان- وهو الذي تم في منزله في الجاهلية عقد حلف الفضول الإنساني- أينفعه ما كان يطعم ويصنع من خير؟ فقال:«لا، إنه لم يقل يوما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» .
وأما أفعال الكافر والمنافق القبيحة فإنها تزيد في عذابه، وبذلك يكون التفاضل بين الكفار في عذاب جهنم بحسب قبح أفعالهم.
[نموذج من صفات المنافقين وأخلاقهم]
طويت نفوس المنافقين وطبائعهم على أخس الصفات وأحط مظاهر الجبن والضعف والغدر لحماية موقفهم المتخاذل والتستر على كفرهم وترددهم بين الإسلام والجحود والإنكار وموالاة غير المسلمين، فأقدموا على الأيمان الكاذبة مرارا، ولم يتركوا فرصة إلا استغلوها للطعن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم مثل أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم الصدقات من الأغنياء وتوزيعها بين المستحقين، متهمين النبي بالجور والمحاباة وعدم مراعاة العدل، وصف الله تعالى في قرآنه هذه الأخلاق بقوله سبحانه: