للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده فقالوا: يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أي هل صلاتك التي تكثر منها تأمرك بترك عبادة آبائنا وأجدادنا، وهي عبادة الأوثان والأصنام، وهذا منهم على سبيل الاستهزاء والسخرية، فهم مصرّون على تقليد أسلافهم في الوثنية.

وأما الرّد على ترك البخس (النقصان) في الكيل والميزان فقالوا: أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا أي وهل صلاتك تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نريد فعله؟

ومقصودهم أن مطلبه بالعدل وأداء الزكاة مناف لسياسة تنمية المال وتكثيره، وهو حجر وتقييد لحريتهم الاقتصادية. وهذا هو الفكر المادي الذي لا يميز بين الحلال والحرام، والإفراط في الطمع المادي. وأكّدوا سخريتهم وهزءهم بقولهم: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ أي إنّك لصاحب الحلم والأناة، والرشد والاستقامة، وأرادوا بذلك وصفه بأضداد هذه الصفات من الجهالة والطيش والغواية.

أجابهم شعيب بما يحسم أطماعهم بقوله: أخبروني يا قوم إن كنت على بصيرة من ربي فيما أدعو إليه، ورزقني منه رزقا حسنا، وهو النّبوة والحكمة، ولا أنهاكم عن الشيء وأقع في المنهي عنه، ولا أريد إلا إصلاحكم بمقدار استطاعتي، وليس توفيقي في إصابة الحق فيما أريده إلا بالله وهدايته وعونه، وعليه توكلت في جميع أموري، ومنها تبليغ رسالتي، وإليه أنيب وأرجع. وهذا دليل على ثبات شعيب على المبدأ وإخلاص الدعوة، دون أن يخشى من قومه سوءا.

- ٢- إنذار شعيب قومه بالعذاب ووقوعه بالفعل

لم تجد وسائل الإصلاح اللينة والكلمة الطيبة بقوم شعيب، فتحول أسلوبه من ليّن القول إلى الإنذار بالعذاب، وطلب المغفرة من الله والتوبة إليه، فازداد تعنّتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>