للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موقف فرعون من رسالة موسى عليه السّلام

إن الصراع الحاد بين الخير والشر، وبين دعوة الإصلاح ومعارضيها أمر قديم في الإنسان، ولكن مهما كانت المقاومة شديدة، فإنه لا يأس ولا قنوط، فقد يهتدي بعض الراشدين العقلاء، ويظل أولو النفوذ والسلطة والمصلحة على غيهم وضلالهم وتمسكهم بمواقفهم، على الرغم من معرفة الحق وقوته، وضعف الباطل وجهالته، وهذا موقف من هذه المواقف التي تتصادم فيها دعوة المصلحين مع مصالح المتسلطين، وهو موقف فرعون من رسالة موسى عليه السّلام، وصف الله تعالى هذا الموقف بقوله:

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٢٣ الى ٢٧]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٢٥) وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (٢٦) وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ (٢٧)

«١» «٢» [غافر: ٤٠/ ٢٣- ٢٧] .

هذه قصة عجيبة في تاريخ الدعوة إلى الله تعالى، فيها للنبي صلّى الله عليه وسلّم إيناس وتثبيت وأسوة، وفيها لقريش والكفار وعيد وتخويف وإرهاب أن يحل بهم ما حلّ بأولئك من النقمة، وفيها للمؤمنين وعد، ورجاء بالنصر والظفر وإدراك عاقبة الصبر.

تبدأ القصة بقسم الله تعالى أننا: لقد أرسلنا موسى بالمعجزات الدالة على صدقه، وأيدناه بحجة بينة واضحة، مضمونها تحدي فرعون بالعصا واليد وغيرهما من الآيات


(١) أي أبقوهم أحياء.
(٢) أي استجرت واستعنت واستعذت.

<<  <  ج: ص:  >  >>