وأخطر الأمور، في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا ضرر في الصحة والسمعة والاعتبار الأدبي، وفي الآخرة ضرر دائم محقّق بالعذاب في نيران جهنم.
ومن أجل خير الإنسان ونفعه والحفاظ على مصلحته وكرامته حرّم الشرع المعاصي والمنكرات، وأوعد مرتكبيها بالجزاء الشديد والعقاب الأليم، غير أن الله الرحيم بعباده فتح لهم باب الأمل وأزال من النفوس رواسب اليأس والإحباط، ورغب في العودة إلى الجادة المستقيمة، والالتزام بمرضاة الله تعالى، فوعد سبحانه التائبين المحسنين أعمالهم بالمغفرة، أي ستر الذنب وإسقاطه وجعل للمغفور له أن يدخله الجنة بلا عذاب ولا عقاب، لكن من شاء عذّبه من المؤمنين بذنوبه، ثم يدخله الجنة.
هذه الآية مسوقة للرد على أولئك الذي يحلمون بمغفرة الله من دون الإيمان، قائلين:(سيغفر لنا) بالرغم مما يفعلون ويرتكبون.
وسبب نزولها كما
جاء عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام، قال: وما دينه؟ قال: يصلي ويوحد الله، قال: استوهب منه دينه، فإن أبى فابتعه منه، فطلب الرجل ذلك منه، فأبى عليه، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبره، فقال: وجدته شحيحا على دينه، فنزلت: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ.
وهذه الآية مخصصة لقوله تعالى: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)[الزمر: ٣٩/ ٥٣] .
أي إن كل الذنوب والمعاصي قابلة للغفران ما عدا جريمة الشرك، أي نسبة الولد والشريك والصاحبة لله عز وجل، فالشرك أعظم الجرائم عند الله تعالى لأنه يمنع