بعد أن ذكر الله تعالى الأحكام المتعلقة بالبيوت والنساء والزواج حلاله وحرامه، ذكر الحكمة من تشريع تلك الأحكام.
وأول هذه الحكم التشريعية: أن الله يريد أن يبين لنا ما خفي عنا، ويرشدنا إلى ما فيه مصلحتنا، ويهدينا مناهج أو طرق من كان قبلنا من الأنبياء والصالحين، وطرقهم: هي التي سلكوها في دينهم ودنياهم، وأن دينهم الذي ارتضاه لهم سابقا لا يبعد عما اختاره الله لهذه الأمة في القرآن المجيد. وهذا دليل على أن شرعنا كشرع من قبلنا، في توجيه الأوامر والنواهي وإيراد القصص، وفي ضرورة توافر السمع والطاعة لما يشرعه الله تعالى.
يريد الله من بيان الأحكام التشريعية في قضايا الزواج ومحارم النساء ومن يباح منهن: أن يرشدنا إلى الطاعات والأعمال التي إذا أديناها وقمنا بها على وجهها الصحيح، كانت سبيلا ممهدة لقبول الله التوبة، فالأعمال الصالحة كفّارات للسيئات، والله بفضله يتوب علينا ويكفر عنا سيئاتنا، إن فعلنا تلك الأعمال، كما قال الله سبحانه: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود: ١١/ ١١٤] ، والله عليم بكل قصد حسن أو سيء، حكيم في كل عمل وتشريع يسنّه لعباده، عليم بسنن الشرائع ومصالح العباد، مصيب بوضع الأشياء في مواضعها الصحيحة بحسب الحكمة والإتقان.