على الرزق والإنفاق، وبين هذه الأصنام التي لا تملك ولا تقدر على شيء أصلا؟ إن التسوية بينهما ضرب من الحماقة والجهل والاستحالة، لذا قال الله تعالى بعدئذ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ، أي الحمد التام الكامل لله، والثناء الشامل لله، والشكر الجزيل لله المنعم، ولكن أكثر أولئك الكفار الذين يعبدون الأصنام لا يعلمون الحق فيتبعوه، ولا يعرفون المنعم الحقيقي، فيخصونه بالتقديس والعبادة.
والمثل الثاني- وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ.. هذا مثل آخر يؤكد الأول وهو أن الله تعالى ضرب مثلا لنفسه وللوثن وغيره من الآلهة المعبودة مثل رجلين:
أحدهما- أبكم لا ينطق ولا يتكلم بخير ولا بشيء، ولا يقدر على شيء متعلق بنفسه أو بغيره، وهو عالة على مولاه الذي يعوله، أينما يوجهه لا يحقق خيرا مطلقا، لعدم فهمه ما يقال له، ولا إفهام غيره.
والثاني- رجل كامل المواهب والحواس، ينفع نفسه وغيره، يأمر بالعدل، ويسير على منهج الحق والطريق القويم والدين الصحيح، هل يستوي هذان الرجلان؟
الأول- عديم النفع، وهو كالصنّم لا يسمع ولا ينطق، والثاني- كامل النفع، وهو كالإله الواحد الذي يدعو إلى الخير، ويأمر بالعدل، ويلتزم العدل، وينفع الآخرين، ويمنع الشر والضرر عنهم. وإذا كان هذان الرجلان لا يتساويان بداهة، فلا تساوي أصلا بين الله تعالى، وبين ما يزعمون أنه شريك له سبحانه.
[الله العالم بالغيب والخالق]
إن من أهم الخصائص الإلهية علم الغيب وخلق الإنسان والحيوان والطير، فمن كان متصفا بهاتين الصفتين، كان هو الإله الحق، ومن فقد إحدى هاتين الصفتين أو كليهما، انعدم وصفه بالألوهية، والواقع أن كل من عدا الله تعالى من المخلوقات