وإن كنتم منكرين للبعث، فهذا يومه الواقع الذي لا سبيل إلى إنكاره، غير أنكم كنتم تجهلون وقوعه، لتفريطكم في النظر والتأمّل في المستقبل الموعود.
ففي يوم القيامة لا ينفع أهل الظلم والكفر عذرهم عما قصّروا به، ولا تقبل منهم توبتهم، لأن وقت التوبة هو في دار الدنيا، وهي دار العمل، وأما الآخرة فهي دار الحساب والجزاء، والمراد لا يقبل منهم العذر، ولا ينفعهم الاعتذار، ولا يعاتبون على ذنوبهم، ولا يقبل منهم العذر لإزالة العتب، وإنما يعاقبون على ذنوبهم وسيئاتهم، لأن الحال حال قضاء وحكم، وتنفيذ للأحكام الصادرة، وليس المقام مقام اعتذار، فإن وقته قد فات وهو في الدنيا.
[موقف الكفار من ضرب الأمثال القرآنية]
لقد وقف كفار قريش موقفا قاسيا عنيدا من القرآن الكريم وبيانه، بسبب قسوة قلوبهم وغلظ طباعهم، على الرغم من تبسيط القرآن البيان، وقوة الإقناع، وإظهار الحق الساطع، وهذا الموقف أدى بهم إلى السقوط من التاريخ، والهزيمة والضياع، وإلى أن تصبح قلوبهم محجوبة عن نفاذ الخير إليها، وناسب ذلك الأمر بالصبر من النبي صلّى الله عليه وسلم، وقد تحقق وعد الله له بالنصر، وثباته على الدعوة إلى ربه إلى أن وافاه الأجل، وأثلج الله صدره قبل ذلك بقدوم الوفود العربية إلى المدينة المنورة تعلن ولاءها للنبي، وإيمانها برسالته، والدفاع عنه دفاع الأبطال. وهذه كانت خاتمة سورة الروم في هذه الآيات الآتية: