للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من عادة قوم فرعون تكرار نقض العهود وخلف الوعود، وتمرير المصالح إلى وقت محدود.

والعذاب الذي استحقوه هو عذاب الاستئصال بالإغراق في البحر.

والآيات تستدعي الوقوف أمامها بحذر وتعمق وإطالة فكر وتأمل، والواجب النظر فيها وتدبرها والتأمل بأسبابها ونتائجها، ولذلك ذمهم الله بأن غفلوا عنها، وهو منهج يدل على أن التقليد طريق مذموم. وأن الواجب يستدعي بحق إعمال الفكر والتأمل، والاعتماد على القناعة الذاتية، وتكوين هذه القناعة بالبرهان والحجة، لا بمجرد التوارث للآباء، والسير في فلك الأجداد، حتى وإن وجدوا الحق في غير طريقهم، أو في شريعة محكمة، لا تبديل فيها ولا تغيير.

[نصرة المستضعفين بعد إغراق فرعون]

اقتضت حكمة الله ورحمته وعدله وفضله أن ينصر الضعفاء والمستضعفين، وينتقم من الأقوياء المتغطرسين والأشداء الظالمين، وميزان العدل لا يتغير، والفضل الإلهي لا يختلف بين جيل وجيل. وحينما طغى فرعون وبغى وأفسد في الأرض وتأله وتجبر، كان مصيره الإذلال والهلاك، ونصر الله الذين كانوا يستضعفون في المشرق والمغرب من قوم موسى، وأمدهم الله بنعم كثيرة قصها القرآن الكريم علينا، فقال الله تعالى:

[سورة الأعراف (٧) : الآيات ١٣٧ الى ١٤١]

وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (١٣٧) وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (١٣٨) إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٩) قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٤٠) وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (١٤١)

«١»


(١) أهلكنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>